الثلاثاء، 21 نوفمبر 2017

أبي هو الأفضل.. وسام يوسف صالح

أنا عُمري ٤ أعوام: أبي هو الأفضل.
أنا عُمري ٦ أعوام: أبي يعرف كل الناس.
أنا عُمري ١٠ أعوام: أبي ممتاز ولكن خُلقه ضيق.
أنا عُمري ١٢ أعوام: أبي كان لطيفاً عندما كنتُ صغيراً.
أنا عُمري ١٤ أعوام: أبي بدأ يكون حساساً جداً.
أنا عُمري ١٦ أعوام: أبي لا يمكن أن يتماشى مع العصر الحالي.
أنا عُمري ١٨ أعوام: أبي ومع مرور كل يوم، يبدو وكأنه أكثر حدة.
أنا عُمري ٢٠ أعوام: من الصعب جداً أن أُسامح أبي، أستغرب كيف استطاعت أمي تحمّله.
أنا عُمري ٢٥ أعوام: أبي يعترض على كل موضوع.
أنا عُمري ٣٠ أعوام: من الصعب جداً أن أتفق مع أبي، هل يا تُرى تعب جدي من أبي عندما كان شاباً.
أنا عُمري ٤٠ أعوام: أبي ربّاني في هذه الحياة مع كثير من الضوابط، ولا بد أن أفعل نفس الشيء.
أنا عُمري ٤٥ أعوام: أنا محتار، كيف استطاع أبي أن يُربينا جميعاً.
أنا عُمري ٥٠ أعوام: من الصعب التحكّم في أطفالي، كم تكبّد أبي من عناء لأجل أن يُربينا ويُحافظ علينا.
أنا عُمري ٥٥ أعوام: أبي كان ذو نظرة بعيدة، وخطط لعدة أشياء لنا، أبي كان مميزاً ولطيفاً.
أنا عُمري ٦٠ أعوام: أبي هو الأفضل.
جميع ما سبق، احتاج ٥٦ عاماً لإنهاء الدورة كاملة؛ ليعود إلى نقطة البدء الأولى وعمر ال ٤ أعوم (أبي هو الأفضل).
فلنحسن إلى والدينا قبل أن يفوت الأوان، ولندعُ الله أن يُعاملنا أطفالنا أفضل مما كنا نُعامل والدينا!
وسام يوسف مصلح.. من كتابه (وحي القراءة).
أبو نور
22.11.2017

الاثنين، 13 نوفمبر 2017

اختر نوعية حياتك.. د. خالد المنيف

يقول (ستيفن كوفي): (إن الفكرة الأكثر عملية وأعظم أهمية هي كوننا أحراراً في اختيار ما نشاء)، وصدق، فحرية (الاختيار) منحة عظيمة وهبة جليلة تحرر الانسان متى ما آمن وعمل بها من لعب دور الضحية؛ وإن قوة الاختيار تعني أنك لست أسير بيئة ولست تابعاً لعادات ولست مجرد ردة فعل لتصرفات من حوله؛ بل أنت سيد نفسك، ذكي فطن. ومن أهم الاختيارات التي يجب الاعتناء بها في حياتك
~ اختر (التغيير الدائم والتحسن المستمر)، فالفكر لن ينمو بشكل تلقائي كما ينمو الجسم، ولن تتطور بمجرد البقاء على قيد الحياة، فلا أحد يتطور مصادفة؛ بل هي اختيار وإرادة وبذل وجهد.  
~ اختر (المحافظة على صحتك)، فبدونها لن تهنأ بعيش ولن تسعد بمال، ومتى اعتنيت بجسدك سيعتني فيك. وما أروع قول (جون جارنر): "لوكان لدي أمنية لطلبت بها الصحة وعنها سأحصل على الباقي". 
~ اختر (التوجه الإيجابي) في كل موقف، وذلك بالتفاؤل وحسن الظن وتلمس الزوايا المشرقة؛ فالموقف ليس هو ما يصنعك؛ بل توجهك أثناءه هو المعني بصناعة نجاحك، وما أروع قول تلك الأم الرؤوم لابنها الذي ولد بلا قدمين: "أنت لست معاقاً إلا بالقدر الذي ترغب أن تكون عليه". 
~ اختر (اللطف) في تعاملك والرفق في كل شئون حياتك ولاحظ حجم المتغيرات على مكاسبك، لاشيء يوازي الرفق في تحسين نوعية الحياة والارتقاء بالمستوى الصحي والنفسي، اختر السلوك المهذب والكلمة الرقيقة والابتسامة الحانية ولن تندم
~ اختر (عدم الاستسلام) وارفض اليأس وقل: لا للقنوط، وتذكر أن الكثير والكثير من حالات الفشل كان أبطالها لحظة استسلامهم على مسافة قريبة جداً من النجاح! لا تكن باكياً شاكياً، ولا تجعل النواح مهنتك ولا الرثاء لنفسك هواياتك، فمن العار والله أن نهدر أيامنا بالتسكع والتندم أمام باب مقفل.
د. خالد المنيف.. من كتابه (صباحك ابتسامة)، بتصرف كثير.
أبو نور
14.11.2017

الخميس، 9 نوفمبر 2017

صفات خير البشر.. مصطفى محمود

هذا هو محمد صلى الله عليه وسلم البسيط المتواضع. رأيته في بيته يغسل ثوبه ويرقع بردته ويحلب شاته ويخصف نعله، ورأيته يأكل مع الخادم ويعود المريض ويعطي المحتاج، ورأيته وهو ويصلي وحفدته يتسلقون ظهره وهو ساجد، فيتركهم حتى إذا وقف، حملهم واستمر في صلاته.
كان الحنان والحب مُجسّداً.
أحبَّ الإنسان والحيوان حتى النبات حنا عليه، فكان يُوصي بالشجر ألا يقطع. حتى الجماد شمله بالحب، فكان يقول عن جبل أُحد: (هذا جبلٌ يُحبّنا ونُحبّه). حتى تراب الأرض كان يمسح به وجهه متوضئاً في حُب وهو يقول: (تمسّحوا بالأرض فإنها بكم بَرّة).
هذا هو العظيم الذي كان يكره التعظيم وكان يقول لأصحابه حينما يقفون له: (لا تقوموا لي كما تقوم الأعاجم يعظّمون ملوكهم).
وكان الكريم الذي وصفهُ أصحابه بأنهُ يُنفق في سخاء من لا يخشى الفقر أبداً. لم يحدث أنّهُ ادخر درهماً، وقد مات كما هو معلوم ودرعه مرهونة عند يهودي، وعاش لم يشبع قط، ولم يذق خبز الشعير يومين متتاليين، ومع ذلك لم يكن يرفض الهدية تأتيه بالشهي من المأكل والناعم من الملبس؛ ولكنه يرفض أن يسعى لهذا العيش اللين أو يُفكر فيه أو ينشغل به. ولهذا كان يُربي نفسه ويُروضها على الفقر والجوع والقصد في المطالب والرغبات، ليكون المثل والقدوة لما أرادهُ الإسلام.
دين الاعتدال والتوسط، فلا رهبانية وقتل للنفس، ولا تهالك وإطلاق للشهوات؛ وإنما توسط واعتدال. وبذلك ينجو الإنسان من سيطرة نفسه ومن سيطرة الآخرين، فلا تعود لأحد سيادة عليه، وهذه هي الحرية: أن يُحرر نفسه من جميع المطالب فلا يعود يسمح لشهوته أن تذله لمطعم أو ملبس أو مخلوق. هذا الوسط، هذا الصراط المستقيم الدقيق  أدق من شعرة بين الإفراط والتفريط، هو ما انفردت به الشريعة الإسلامية، وهو ما حققه النبي بسلوكه النادر.
الفيلسوف د. مصطفى محمود -رحمه الله- (١٩٢١-٢٠٠٩م). [كتاب (روائع د. مصطفى محمود). إعداد: عمر باعطية].
أبو نور
10.11.2017