من كلام المسلمين المأثور: "لا بارك الله في يومٍ لا أزداد فيه علماً".
إننا على هذه الأرض لنعمل ونسعى في عمرانها وإصلاحها، وفي إصلاح أنفسنا وتعليمها وتهذيبها، ودفعها كل يوم بالترغيب أو الترهيب خطوة أماماً، أو شبراً أو إصبعاً، فإن تعذر التقدّم بالعمل والعلم، فينبغي ألا يحرم الإنسان تقدّماً في الفكر أو النية أو الأمل.
إن جسم الإنسان في حركة دائمة وتغيّر مستمر، زيادة ونقصاً وقوة وضعفاً، فينبغي أن يساير نمو النفس والعقل نمو الجسد، وينبغي أن تتدارك قوتهما ضعفه ونموها نقصه. فمن طلعت عليه شمس يومه كما طلعت شمس أمسه لم يكسب لدنياه ولا آخرته، ولم يعمل لنفسه ولا لأمته، لم يستفد علماً ولا فكراً، ولم يكسب خيراً في قول أو فعل أو نية؛ فقد غبن نفسه بما تقدم به العمر يوماً ولم يتقدم، ومضى الزمان حيناً ولم يمضِ، وتحرّك به الفلك ولم يتحرك.
من استوى يوماه فهو مغبون (أي خاسر)، فكيف بمن استوى شهراه؟ وكيف من استوت سنتاه؟ وكيف بمن استوى عيداه؟ فهو اليوم كما كان في عيده الماضي لم يُساير الزمن في هذه السنة؟!
وارحمتاه للناس! كيف بمن لم يستوِ سنتاه ولا شهراه ولا يوماه؟ ولكنه تأخر ولم يتقدّم، زاده شرّهُ على الأيام ونقص خيره، وازداد عقله وقوله وفعله فساداً على مر الزمان كساداً، فهو اليوم شرٌ مما كان عقلاً وروحاً وأملا ونية؟!
(من استوى يوماه فهو مغبون)، إن لم يكن هذا حديثاً نبوياً، فهو حديث إسلامي فيه دعوة الإسلام وتعليمه وأمله وطموحه، دعوة الإسلام إلى التعليم والتقدّم والتكمّل كل حين بكل وسيلة.
*****
المفكر العملاق المصري د. عبد الوهاب عزام (١٨٩٤-١٩٥٩م)، من كتابه (الشوارد).
نعيم الفارسي
26.07.2019
#من_استوى_يوماه_فهو_مغبون
#عبدالوهاب_عزام
#كتاب_الشوارد
#كتب_قراءة_نعيم_الفارسي