~ هل أحسست مرة وأنت تُقدم مساعدة لشخص لا تعرفه، فتقيله من عثرة، أو ترفع له حملاً لا يقوى على رفعه، أو تناوله شيئاً لا تناله بيده، أو تدله على حل لإحدى مشكلاته، أو تقوم له بعمل هو في حاجة إليه.. هل أحسست بالخفة تملأ نفسك، فتكاد تحمل جسمك حملا في الهواء؟ هل أحسست روحك ترفرف عالية مستبشرة، ونشوة خفية تملأ جناحيك؟
إنها الطريق إلى الله.
~ هل ضاقت نفسك بالحياة فما عدت تطيق آلامها وقسوتها؟ هل تملكك الضجر واليأس، وأحسست بالحاجة إلى الشكوى، هل تلفت حولك فلم تجد من تشكو إليه؟ لم تجد الصفي الذي يخلص لك حتى لتفتح له نفسك دون تحرج وتطلعه على كل خفاياك؟ أو لم تجد راحة في شكواك إلى الناس؟ ثم هل تطلعت إلى السماء وانفجرت بالشكوى؟ هل وجدت الله وشكوت له بثك ونجواك؟ هل أحسست أن هذا الحمم الذي تطوي ضلوعك عليه قد تدفق وتدفق، وسال كلمات على لسانك وعبرات في عينيك، وأنك أرسلتها كلها إلى القوة الكبرى القاهرة التي تملك كل شيء وتقدر على كل شيء؟ وأحسست بالراحة والبرد والسلام إذ انطلقت تلك الشحنة الحبيسة ووصلت إلى غايتها؟ وهدأت نفسك أنك أودعتها حيث ينبغي أن تودع وحيث لا تضيع؟
إنها الطريق إلى الله.
~ هل أحسست بتلك القروش التي في جيبك كأنها ليست لك؟ هل انقطعت السلسلة المتينة التي تشدك إليها وتشدها إليك؟ هل بطل الجذب العنيف الذي يربط كلا منكما بالاخر؟ هل أحسست بدلاً من ذلك أن يدك تعبث بها لتخرجها من مكمنها، نشوانة بما تفعل، طليقة من الشح، نشيطة إلى العطاء؟ هل دسستها بعد ذلك في يد فلان من الناس وانطلقت نشيط الخطوات خفيف الروح، كأنك تخلصت من ثقلة كانت تشدك إلى الأرض؟
إنها الطريق إلى الله.
المفكر (محمد قطب) (١٩١٩-٢٠١٤م) -رحمه الله- من كتابه (في النفس والمجتمع).
22.11.2019
#الطريق_إلى_الله
#محمد_قطب
#كتاب_في_النفس_والمجتمع
#نعيم_الفارسي