الجمعة، 26 أكتوبر 2018

العيش كما يجب أفضل انتقام.. إيرني زيلنسكي

منذ فترة، كان أحد معارفي مهموماً جداً بسبب إشاعة بغيضة طالته. وطوال أشهر كان مصمماً على اكتشاف مُطلِق هذه الإشاعة الرخيصة، حتى يتسنّى له الرد بانتقام. وبعد شهور عدّة من نسيان الجميع للإشاعة، دأب على تذكير الآخرين بها، وصار الانتقام هوسه.
كثير من الناس يعيشون بهدف الانتقام شأنهم شأن أحد معارفي هذا. وللأسف إن من يُصبح مهووساً بالثأر كرد على خطيئة ما، يحث من أساءوا إليه بداية على أن يُسيئوا إليه أكثر. في كل يوم من حياتنا، يُغرينا السعي إلى الانتقام عاجلاً أم آجلاً، لكن يستحسن ألا تجرفنا الحماسة بشأن الإصرار على الانتقام من شخص؛ لأن النتائج الآنية تبدو أفضل مما يتبين لاحقاً.
ومهما كانت الخطيئة سيئة، أفضل خيار هو تفويت فرصة الانتقام. يقول (لو هولتز): "لن تتفوق على أحد أبداً ما دمت تحاول الانتقام منه". فمن الأفضل أن تُركز وقتك وطاقتك على شيء يستحق العناء، فبغض النظر عن مدى شعورك بأنك عُوملت بطريقة جائرة، من المهم أن تُحافظ على منظور ملائم بشأن قيمة الانتقام. إذ نادراً ما يأتي خطآن بأمر صحيح، فالانتقام لا يعود على صاحبه بجدوى على الإطلاق، بل بنتيجة معكوسة على الأرجح.
كما إن إهدار الوقت على أمور يستحسن نسيانها، سيقيدك في الحياة، لذلك يقول (كونفوشيوس): "ليس مهماً أن يُساء إليك إلا إذا استمريت بتذكر الأمر". كما أن الحاجة إلى الانتقام ستنتفي عندما تتعلّم كيف تُسامح من أخطأ بحقك. ومن المفارقة أنك عندما ترفض المسامحة، لا تكون قد سجنت الطرف الآخر؛ بل سجنت نفسك. تقول الحكمة الصينية: "إن كنت تنوي السعي وراء الانتقام، فيستحسن أن تحفر قبرين". ومهما كان ما عانيته من إساءة في الماضي، فاليوم هو وقت المسامحة والنسيان، لا الغد أو بعده. ومن الأفضل اعتبار القضية منتهية؛ عندئذ سيُزاح عبءٌ ثقيل عن كاهلك.
جميعنا نتعرض للإساءة من دون سبب ظاهر. لكن من الأفضل أن نقاوم إغراء رد الإساءة بأخرى، فدائماً ما سنواجه إغراء بالثأر بلا ريب. تقول الحكمة الفرنسية: "العيش كما يجب، أفضل انتقام"، فلمَ لا تهتم بأهداف حياتك وتجعل إنجازاتك تُصبح انتقامك؟!
وأخيراً، تذكر أن للقدر أسلوبه في الثأر من الآثمين عاجلاً أم آجلاً، لأن الأمور تلف وتدور على مسببها. فمن يُسيء إليك من الناس، سينال حتماً ما يستحق؛ لذا فما من داعٍ للسعي وراء الانتقام، فكل ما عليك فعله هو الاسترخاء وترك الله يُقيم العدل بطريقته الخاصة.
*****
الكاتب (إيرني زيلنسكي).. من كتابه (فكّر تنجح أكثر.. ١٠٠ فكرة للنجاح في كل شيء)، بتصرف.
نعيم الفارسي
27.10.2018
#أفضل_انتقام
#إيرني_زيلنسكي
#كتاب_فكر_تنجح_أكثر

#كتب_قراءة_تنمية_نعيم_الفارسي

الخميس، 18 أكتوبر 2018

هكذا توزعت الأموال (قصة).. عمر فروخ

زار امبراطور الصين، في أواخر القرن التاسع عشر، مدينة (باريس)، فأعجبته القناديل التي تُضيء شوارع العاصمة الفرنسية. ثم خطر في باله أن يُزين عاصمته (بكين) بمثل تلك المصابيح.
فلما عاد امبراطور الصين إلى قصره، نادى رئيس وزرائه وقال له: لقد أعجبني منظر (باريس) في الليل، وأريد أن تُضاء (بكين) كما تُضاء (باريس)، فخذ مليون ين (عملة الصين)، وتدبّر أمر إضاءة (بكين).
رجع رئيس الوزراء إلى مكتبة ثم استدعى وزير الداخلية، وقال له: إن جلالة الأمبراطور يُريد أن تُضاء (بكين) في الليل، وهناك نصف مليون ين لهذا الغرض!
وبعد بضعة أيام أرسل وزير الداخلية إلى مدير الشرطة يستدعيه، ثم قال له: إن جلالة الأمبراطور حباً منه بخير رعيته يرغب أن تُضاء (بكين) في الليل. فخذ هذا المبلغ، ربع مليون ين؟ وابذل جهدك في أن تكون إضاءة عاصمتنا وافية.
وعاد مدير الشرطة إلى مكتبه ثم إلى بيته. وفي اليوم التالي، اتصل بمفتش الشرطة واستقدمه إليه، ثم ناوله مائة ألف ين وقال له: إن جلالة الامبراطور، حفظه الله لرعيته، قد أمر أن تُضاء (بكين) في الليل. فأحرص على أن تُنفذ ذلك بالسرعة القصوى وبالتمام والكمال.
وفي صبيحة اليوم التالي، جمع مفتش الشرطة ألف شرطي من ذوي البسطة في الجسم، وألقى فيهم خطبة بليغة تدور على اهتمام امبراطورنا المحبوب برعيته وعلى القيام بالواجب الوطني على وجهه بالصدق والإخلاص في خدمة الشعب. ثم قال لهم: إن الإمبراطور قد أراد أن تُضاء (بكين) في الليل حتى تُصبح أجمل من (باريس). ثم أعطى كل شرطي يناً واحداً وصرفهم.
فتفرّق رجال الشرطة الألف في شوارع (بكين)، وجعل كل واحد منهم يطرق كل باب يمر به، ويبلغ أصحابه رغبة الجلالة الامبراطور، ثم يأمرهم أن يُعلقوا على باب بيتهم فانوساً.
*****
الأديب اللبناني (عمر فروخ) (١٩٠٦-١٩٨٧م)، من كتابه (غبار السنين)، بتصرف، وتم نشر المقال بتاريه ٢٩ نوفمبر ١٩٨٠م.
نعيم الفارسي
18.10.2018
#هكذا_توزعت_الأموال
#عمر_فروخ
#كتاب_غبار_السنين

#كتب_قراءة_نعيم_الفارسي