الأربعاء، 10 أكتوبر 2018

تفاءلوا وأبشروا.. علي بن عبدالخالق القرني

~ هل كان فرعون يظن أن الرضيع موسى الذي تربّى في كنفه، سيقود دعوة تُذهب مُلكه وجنده؟! هل كان الملأ من قوم فرعون يتوقعون أن أولئك الضعفة من بني إسرائيل المستعبدين لهم، سيرثون مصر بعدهم، وينكحون نساءهم، ويتمتعون بخيراتهم؟!
هل كان الملأ من قريش في السنة الخامسة للبعثة وهم يعذبون فتيةً صغاراً بمكة، يتوقعون أن هؤلاء الفتية بعد عشر سنين، سيقتلونهم ويلقونهم جيفاً في قليب بدر!
هل دار بخلد التتار المغول الذين دمروا خوارزم واستباحوا أرضها ونساءها وذراريها، أن الطفل (قُطُز) الذي باعوه بعد ما خطفوه، سيكسر دولتهم في معركة (عين جالوت) بعد ثلاثين سنة من خطفه وبيعه!
تكالب الأحزاب على رسول الله وصحبه، ونقضت العهد يهود بني قريضة، وانسحب المنافقون يقولون: (إن بيوتنا عورة)، ويولولون: (ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً)، وزُلزل المسلمون زلزالاً شديداً: (وقالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيماناً وتسليماً)، والنتيجة؟! (وردّ الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرًا وكفى الله المؤمنين). أبشروا معشر المسلمين.
قضى الله أن العاقبة للحق وأهله، ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله. مكَر وكاد ودبّر القياصرة والأكاسرة، فذاقوا ذل الدنيا قبل عذاب الآخرة، وسيذهبهم خلَفهم الفاجر، كأمس الدابرْ، ما لهم من شاكِرْ أو ذاكِرْ: (فأما الزبد فيذهب جفاءً وأمّا ما ينفع الناس فيمكث في الأرض).
ما دامَ مجدٌ لطاغٍ رغم صتوتهِ
ولا ارتقى من على طغيانه اعتمدَا
لن يعتري اليأسُ والإحباطُ قلوباً مطمئنة بذكر الله، معتزة بوحي الله، واثقة بنصر الله، ولو أجلب عليها جميع خلق الله؛ لأنها لائذة بالله.
ومن لاذ بالله نال المعالي
ومدّ له اللهُ حبلاً متينا
لا يأس: أمتنا تغفو لكنها لا تنام، وتمرض لكنها لا تموت، يموت علَم ويولد علَم، يغرب نجمٌ فتشرق شمس، يموت ابن عبد السلام فيولد بعده بسنة شيخ الإسلام.
في الوقت الذي تسقط فيه الأندلس وتُسلّم مفاتيح غرناطة، كان محمد الفاتح قد افتتح القسطنطينية وأضحت تركيا بنور الإسلام خافقة شامخة. في الوقت الذي ظنت أوروبا النصرانية أنها محت الإسلام من الغرب، إذا بنور الإسلام يأتيها من الشرق. في الوقت الذي يحارب فيه الإسلام اليوم بضراوة من الغرب، هو اليوم أعظم ما يكون انتشاراً في الغرب، حتى لقد صرّح أحد مكاتبهم للإحصاء، أن (ألمانيا) بعد ثلاثة عقود ستُصبح دولة إسلامية.
قضى الله ولا رادّ لما قضى: (إن الباطل كان زهوقاً) و(إنّ كيد الشيطان كان ضعيفاً). (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)، (والله متم نوره ولو كره الكافرون)، (والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون)، (فلا تهنوا ولا تحزنوا وانتم الأعلون). 
الشيخ الفصيح علي عبد الخالق القرني، من محاضرته الأخيرة (صيّب الدّيمْ في بركة شفيع الأممْ وسيّد العُرب والعَجمْ)، بتصرف.
نعيم الفارسي
11.10.2018
#أبشروا_وتفاءلوا
#صيّب_الديم
#علي_عبدالخالق_القرني

#نعيم_الفارسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق