منذ فترة، كان أحد معارفي مهموماً جداً بسبب إشاعة بغيضة طالته. وطوال أشهر كان مصمماً على اكتشاف مُطلِق هذه الإشاعة الرخيصة، حتى يتسنّى له الرد بانتقام. وبعد شهور عدّة من نسيان الجميع للإشاعة، دأب على تذكير الآخرين بها، وصار الانتقام هوسه.
كثير من الناس يعيشون بهدف الانتقام شأنهم شأن أحد معارفي هذا. وللأسف إن من يُصبح مهووساً بالثأر كرد على خطيئة ما، يحث من أساءوا إليه بداية على أن يُسيئوا إليه أكثر. في كل يوم من حياتنا، يُغرينا السعي إلى الانتقام عاجلاً أم آجلاً، لكن يستحسن ألا تجرفنا الحماسة بشأن الإصرار على الانتقام من شخص؛ لأن النتائج الآنية تبدو أفضل مما يتبين لاحقاً.
ومهما كانت الخطيئة سيئة، أفضل خيار هو تفويت فرصة الانتقام. يقول (لو هولتز): "لن تتفوق على أحد أبداً ما دمت تحاول الانتقام منه". فمن الأفضل أن تُركز وقتك وطاقتك على شيء يستحق العناء، فبغض النظر عن مدى شعورك بأنك عُوملت بطريقة جائرة، من المهم أن تُحافظ على منظور ملائم بشأن قيمة الانتقام. إذ نادراً ما يأتي خطآن بأمر صحيح، فالانتقام لا يعود على صاحبه بجدوى على الإطلاق، بل بنتيجة معكوسة على الأرجح.
كما إن إهدار الوقت على أمور يستحسن نسيانها، سيقيدك في الحياة، لذلك يقول (كونفوشيوس): "ليس مهماً أن يُساء إليك إلا إذا استمريت بتذكر الأمر". كما أن الحاجة إلى الانتقام ستنتفي عندما تتعلّم كيف تُسامح من أخطأ بحقك. ومن المفارقة أنك عندما ترفض المسامحة، لا تكون قد سجنت الطرف الآخر؛ بل سجنت نفسك. تقول الحكمة الصينية: "إن كنت تنوي السعي وراء الانتقام، فيستحسن أن تحفر قبرين". ومهما كان ما عانيته من إساءة في الماضي، فاليوم هو وقت المسامحة والنسيان، لا الغد أو بعده. ومن الأفضل اعتبار القضية منتهية؛ عندئذ سيُزاح عبءٌ ثقيل عن كاهلك.
جميعنا نتعرض للإساءة من دون سبب ظاهر. لكن من الأفضل أن نقاوم إغراء رد الإساءة بأخرى، فدائماً ما سنواجه إغراء بالثأر بلا ريب. تقول الحكمة الفرنسية: "العيش كما يجب، أفضل انتقام"، فلمَ لا تهتم بأهداف حياتك وتجعل إنجازاتك تُصبح انتقامك؟!
وأخيراً، تذكر أن للقدر أسلوبه في الثأر من الآثمين عاجلاً أم آجلاً، لأن الأمور تلف وتدور على مسببها. فمن يُسيء إليك من الناس، سينال حتماً ما يستحق؛ لذا فما من داعٍ للسعي وراء الانتقام، فكل ما عليك فعله هو الاسترخاء وترك الله يُقيم العدل بطريقته الخاصة.
*****
الكاتب (إيرني زيلنسكي).. من كتابه (فكّر تنجح أكثر.. ١٠٠ فكرة للنجاح في كل شيء)، بتصرف.
نعيم الفارسي
27.10.2018
#أفضل_انتقام
#إيرني_زيلنسكي
#كتاب_فكر_تنجح_أكثر
#كتب_قراءة_تنمية_نعيم_الفارسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق