السبت، 16 فبراير 2019

(ميكوموتو)... ملك اللؤلؤ!! النجاح يحتاج إلى إصرار.. فهد الأحمدي

قرأت في إحدى المجلات نبذة عن صناعة اللؤلؤ في الخليج وكيف أنها تراجعت بسبب اليابان. ابتسمت وقلت في نفسي "ليس بسبب اليابان بل بسبب ميكوموتو"!
وميكوموتو (١٨٥٨-١٩٥٤م) ليس احدى شخصيات البوكيمون بل رجل عصامي حول اليابان إلى أعظم دولة في إنتاج اللؤلؤ ، بعد أن كانت كغيرها من الدول تستورد أجود الأنواع من الخليج العربي.
ولد (ميكوموتو) في قرية "توبا" لرجل فقير يبيع الأرز المسلوق. ومنذ طفولته كان يساعد والده ويقضي نهاره في دفع عربة صغيرة لبيع الأرز.. وفي سن الثامنة عشرة عمل في بيع الأصداف وكان يهوى جمع النادر منها.
وفي أيام طفولته سأل أحد الصيادين عن السبب في ندرة الأصداف التي تنتج اللؤلؤ مقارنة بوفرة الأصداف العقيمة؟ وكانت إجابة الصياد أن اللؤلؤ مادة جيرية تغلف بها القوقعة الطفيليات الداخلة اليها كوسيلة للحماية، وهذه الطفيليات قد تكون حبة رمل أو قشرة سمكة أو حشرة صغيرة، وبمرور الزمن تتجمد هذه المادة حول الطفيل فلا يعود يؤذي المحارة. ومن يومها وفكرة إنتاج اللؤلؤ بطريقة صناعية لا تفارق مخيلة الطفل (ميكوموتو)، حتى أنتح أول لؤلؤة صناعية (مشوهة) في سن الخامسة والثلاثين!
ورغم بساطة الفكرة ظل (ميكوموتو) متعجباً كيف لم يفكر أحد بإنتاج اللؤلؤ قبل ذلك بطريقة اصطناعية. وبدأ (ميكوموتو) من طفولته بإجراء تجارب سرية لزرع أجسام غريبة داخل القواقع لعل وعسى.. ولكن طوال خمسة عشر عاماً لم تنجح أي من محاولاته حتى أصيب بفقر مدقع واتهمه الناس بالجنون.. وحين دب اليأس في قلبه قرر التوقف عن مطاردة حلمه والعودة لبيع الأرز المسلوق! ولكن زوجته رفضت هذا التراجع وقالت له: سأدفع أنا العربة وتستمر أنت حتى يظهر اللؤلؤ!!
وبعد آلاف المحاولات و ٨٥٠٠ عملية زرع فاشلة، أدرك (ميكوموتو) أن ازدحام القواقع في سلة واحدة يصيبها بطفيليات مميتة، وتعلّم أن ليس كل أنواع المحار يمكنه إنتاج اللؤلؤ بواسطة الزرع وفتح القوقعة عنوة. وفهم أهمية فصول السنة، وأن حرارة البحر لا يجب أن تقل عن ٧ درجات مئوية. واكتشف أن الجسم المزروع داخل القوقعة يجب أن يوصع في منطقة ومسافة مناسبة من الأعضاء الحيوية (ناهيك عن اشتراطات أخرى ما يزال بعضها خاصاً بشركته التي تملك اليوم مختبرات بحرية متقدمة).
وفي ١١ يوليو ١٨٩٣م كان (ميكوموتو) في نزهة مع زوجته لاطلاعها على سلال القواقع الطافية على وجه الماء. وفجأة توقفت زوجته وطلبت منه أن تجرب حظها في فتح قوقعة مضى عليها في البحر أكثر من عشرة أعوام. وأمام إصرارها ذهب ليأتيها بالقوقعة المطلوبة وهو مشفق عليها؛ لأنه شخصياً فتح آلاف القواقع وأجرى عشرات التجارب دون فائدة. غير أن (ميكوموتو) كاد يغمى عليه من الفرحة حين رأى لؤلؤة حقيقية ضخمة في يد زوجته. صحيح أنها لم تكن لؤلؤة كاملة أو جميلة ولكنه أدرك أن الخبرات التي اكتسبها والمبادىء التي تعلّمها طوال السنوات الماضية، قربته كثيراً من الهدف. ولم ينجح في إنتاج لؤلؤة دائرية كاملة يستحيل تفريقها عن الؤلؤة الطبيعية إلا في عام ١٩٠٥م، ولم يبدأ في جني المال إلا عام ١٩٢٠م، حيث بدأ الإنتاج بشكل تجاري.
وأصبح بإمكان جميع النساء في العالم الحصول على عقود لؤلؤ جميلة بأسعار زهيدة. وتكريماً له لقب بـ "ملك اللؤلؤ" وغدا واحداً من أثرى أثرياء العالم. كما أصبح ١١ يوليو منعطفاً تاريخياً ازدهرت فيه صناعة اللؤلؤ في اليابان،  حيثُ أصبح في اليابان أكثر من ١١٢ شركة و ٣٥٠ مزرعة لؤلؤ بحلول ١٩٣٥م، وكسدت في معظم أنحاء العالم!
وبهذا الانجاز الرائع ينضم (ميكوموتو) (والذي أصبح يوم ميلاده إجازة لتجار الؤلؤ)،  إلى عباقرة وعصاميين أنشأوا شركات عظيمة كتويوتا وسوني وهوندا وشارب وكان لهم الفضل في تحويل اليابان إلى دولة صناعية عظيمة!!
ورغم أن (ميكوموتو) خسر شبابه وهو يحاول إنتاج اللؤلؤ، فقد عاش حتى الخامسة والتسعين وأصبح يمتلك متاجرة كثيرة في اليابان وأوربا وأمريكا، وما زالت شركته تنتج أجود أنواع اللؤلؤ في العالم.
هل عرفتم الآن لماذا ابتسمت؟ تعجبت كيف قطع رجل واحد أهم مورد لشعوب الخليج، ورجوت الله حينها لا يخترع أحدهم بديلاً للبترول!
*****
فهد الأحمدي.. من كتابه (الله وحده قادر على صنعهم.. ٥٥ شخصية مدهشة)، بتصرف.
نعيم الفارسي
17.02.2019
#ميكوكوتو_ملك_اللؤلؤ
#كتاب_الله_وحده_قادر_على_صنعهم
#فهد_الأحمدي

#كتب_قراءة_نعيم_الفارسي

هناك تعليقان (2):

  1. حلوة.. ما يريدو بديل للبترول. ..طلع شي ...الكهرباء للسيارات

    ردحذف