هناك بعض الأزواج وخصوصاً ممن هم متزوجون بزوجات ليس لديهن عمل خارج البيت؛ فقط ربات بيوت؛ مصابون بغرور النفس والتعالي على زوجاتهم؛ فيعتقدون بأنهم متفوقون على زوجاتهم وأنهم هم من يعملون كل شيء، وأنهم مستحملين زوجاتهم؛ وأن الزوجة لا دور لها؛ ويتناسون دور الزوجة في توفير كل سُبل الراحة والأعتناء بالأطفال، كما أنها هي التي تجعل الحياة مريحة من خلف الكواليس.. وأحياناً لا يوقظ بعض هؤلاء الأزواج إلا أن تقوم الزوجة بالاعتزاز بقيمتها وأنها تفعل أكثر ربما مما هو يفعل، وتبين له ذلك.
ولا أنسَ هذه القصة: فلقد قابلت زوجين؛ الزوج (شين) وهو صاحب النظرة الأحادية للأمور، والزوجة (مارثا) ظلت في المنزل ترعى أولادها الثلاثة.. وكان كلاهما يعمل بجد؛ لكن الفرق الأساسي أن الزوجة تقدر لزوجها إسهاماته؛ بينما يعتبر زوجها أن ما تقوم به زوجته هو أمر مُسلماً به بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وكان لذلك لا يقوم بالأعمال المنزلية معها، وعندما يمرض أحد الأطفال في منتصف الليل كان لا يبالي ويغط في نوم عميق؛ اعتقاداً منه أن هذا مهمة زوجته؛ فهو يعمل خارج البيت لتوفير لقمة العيش. وكان في نفسه علو على زوجته، ويعاملها بأسلوب دني ومحتقر. وقد استحملت زوجته غطرسته لسنوات؛ لأنها كانت تعتقد أنه لم يفهم بعد، وعلى أمل أن يتغير. وبعدها قالت له بكل ثقة:
(اسمع يا "شين".. لقد أحببتك ووقفت بجانبك لمدة طويلة جداً، أنا أعلم أن لديك أفكاراً تعصبية تجعلك تشعر أن إسهاماتك أكثر أهمية من إسهاماتي؛ ولكنك على خطأ واضح! وفي الحقيقة أنا لا أعرف طريقة لطيفة لكي أصرح لك عما أريده بصراحة؛ ولكن سوف آخذ إجازة لمدة شهر واحد من القيام بالأعمال لك؛ وإذا أستوعبت الدرس؛ فسوف أعود كسابق عهدي، وإذا لم تستوعب الدرس؛ سوف أمدد شهراً آخر. أثناء هذا الشهر، لن أطهو لك الطعام، لن أقوم بغسل الملابس، لن أذكرك بالتزاماتك ومواعيدك، وقطعاً لن أقوم بأعمال التنظيف من أي نوع، لو أصبح المنزل شديد الفوضى والاتساخ، فيمكنك أن تنطفه أو تتركه -فأنا لا أبالي-. لن أحل مكانك عندما تتخلف عن نشاطات هامة يشارك فيها الأولاد، ولن أقوم بالبحث عن الأشياء العديدة التي تضييع منك كل يوم، سوف أواصل تقديم الأمور التي يحتاجها الأولاد لأنني أحبهم؛ ولأنهم صغار جداً لدرجة لا تُمكنهم من إعطاء التقدير الكامل لكل ما أقوم به لهم؛ ولكن أنت لا عُذر لك. حظاً سعيداً وأتمنى لك شهراً لطيفاً).
وبالفعل نفذت الزوجة ما قالته، واستمرت شهراً كاملاً على موقفها هذا؛ فلم تعمل أي شيء؛ ولكن هذا الموقف نجح. فقد أحس الزوج (شين) بداية بالاستياء والصدمة؛ إلا أنه اكتسب تدريجياً احتراماً جديداً لزوجته، والذي -بصورة واضحة- قد أحدث تغييراً في طبيعة علاقتهما الزوجية، وصار ينظر إلى الماضي بنظرة ملؤها الخجل على تصرفاته القديمة.
*****
(د. ريتشارد كالسون).. من كتابه (لا تهتم بصغائر الأمور في العلاقات الزوجية) بتصرف.
نعيم الفارسي
28.03.2019
#قدّر_زوجتك
#ريتشارد_كالسون
#كتب_قراءة_نعيم_الفارسي