يقول المفكر الإسلامي (محمّد قطب) (١٩١٩-٢٠١٤م) رحمه الله في كتابه (مغالطات) الذي صدر عام ٢٠٠٦م (بتصرف): "في عام ١٩٦٥م أصدرتُ كتاباً بعنوان (جاهليةالقرن العشرين)، تحدثت فيه عن مظاهر الجاهلية السائدة في هذا العالم الذي لا يحكم بما أنزل الله، ويرفض أن يرجع إلى حكم الله في شأن من شئون الحياة الدنيا، وتوقّعت -فيالفصل الأخير من الكتاب- أن يعود الناس في النهاية إلى الله، وكان مما قلته: 'هذا الشقاء الذريع الذي تُقدّسه البشرية تحت وطأة الجاهلية الحاكمة في كل الأرض، هذا العذاب القاتلالذي يصوغ حياة الناس، هذا القلق المدمر للأعصاب، هذا الفساد الذي يوقع المظالم بالناس: في السياسة والاقتصاد والاجتماع والأخلاق وعلاقات الجنسين والفن وكل شيء.. هذابذاته عامل من العوامل التي ستعيد الإنسان إلى الله. سيعود الإنسان إلى الله! سيعود شديد الإيمان! فبقدر الكفر الحالي.. بقدر عذابات الناس.. وبقدر ظلام الطاغوت؛ سيكون النور!وبشائر هذا النور بادية في الظلمات، وغداً يشرق دين الله، وسواء أبصرناه بأعيينا في العمر المحدود، أم كان غداً في جيل آخر.. سيعود الإنسان إلى الله!'.
واليوم (٢٠٠٦م)، بعد مضي هذه السنوات الطوال (أكثر من ٤١ سنة)، ما زلت أردد ما قلته بالأمس؛ ولكن باقتناع أكثر، ويقين أكثر! ففي تلك السنوات الطويلة بالنسبة لعمرالفرد، ولكنها قصيرة في عمر الأمم والشعوب، حدثت تحولات كثيرة في حياة الناس. من ناحية: زادت المظالم في السياسة الدولية، وانكشف المستور، من سعي أمة بعينها(أمريكا) إلى السيطرة على العالم كله بالإرهاب الحربي والإرهاب الاقتصادي والإرهاب السياسي والإرهاب العلمي والإرهاب التكنولوجي، ومن ورائها سيطرة اليهود. ومنناحية أخرى، زاد الفساد والفجور في الأرض إلى درجة لم يسبق لها مثيل في التاريخ، وتبجّح الفساد فطالب بمنحة شرعية، في مؤتمرات داعرة تقام تحت راية (الأمم المتحدة)،وتهديدات من هيئة الأمم بإصدار (قرارات حرمان) لمن يستعصي على هذا الفساد، ويرفض أن يحميه أو ينخرط فيه!
ومع ذلك، فسيرجع الناس إلى الله. لأن الدين فطرة! ففي فطرة الإنسان أن يتوجه إلى الخالق ويعبده؛ فإذا شردت الفطرة زمناً، وإذا فسدت فطرة جيل من أجيال البشر أو أُفسدت؛فليس يترتب على ذلك بالضرورة أن يستمر الشرود، أو يستمر الفساد.
ثم إن الدين -وحده- هو الذي يجيب على أسئلة الفطرة: من أين جئنا؟ وإلى أين نذهب بعد الموت؟ ولماذ نعيش؟ وكيف نعيش؟ وهي أسئلة تلح على الفطرة بوعي أو بغير وعي،وتبحث عن الإجابة، وإن لم تتلقَ إجابة واضحة تطمئن لها النفس؛ فإنها تسبب القلق والاضطرابات النفسية والعصبية، وقد تؤدي إلى الجنون والانتحار. والترف والفسوق والفجوروالانغماس في الشهوات، قد يشغل الفطرة زمناً، فتذهل عن أسئلتها، ولا تبحث بوعيها عن الإجابة؛ ولكن ذلك ينعكس في اللاوعي في الأعماق، فيظهر في صورة قلق نفسي، أواضطراب عصبي، يلجأ صاحبه للهروب منه إلى الخمر والمخدرات أو يلجأ إلى الجريمة!
والدين -وحده- هو الذي يُجيب على أسئلة الفطرة، الإجابة التي تطمئن لها القلوب. ويملؤني اليقين بأن المستقبل للإسلام: (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره علىالدين كله وكفى بالله شهيداً). وسيحدث هذا لا محالة في يوم من أيام المستقبل، الذي أراه قريباً، ويراه الكثيرون بعيداً: (ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله)".
أبو نور
27.10.2017
#سيعود_الإنسان_إلى_الله
#كتاب_مغالطات
#محمد_قطب
#كتب_قراءة_نعيم_الفارسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق