الثلاثاء، 10 ديسمبر 2019

عشرة مقترحات من أجل صنع طفل قارىء.. وفاء المزغني ومحمد الشيباني

١- عوّد طفلك منذ طفولته المبكرة على سماع حكايات من الموروث الشفوي المحلي والإنساني، أو من روائع القصص العربي والعالمي. فللحكايات الشفوية دوران متلازمان، فهي المُمهد لانجذاب الطفل إلى ثفافة الكتاب، وهي من جهة أخرى المكمل لأدوار المكتوب.
٢- حاول أن تجعل القراءة لحظة محببة مليئة بالدهشة والسؤال والمغامرة المعرفية والطرافة واللعب. وأجعلها نشاطاً مرغوباً فيه تتكامل بواسطته الوظائف التربوية والثقافية مع سائر الوسائل التكنولوجية المتاحة اليوم. فقراءة الكتاب ليست عقاباً ونشاطاً قائماً على الأمر والنهي أو بديلاً من وسائط المعرفة الأخرى.
٣- لا تترد في جعل الكتب والمطبوعات -بجميع أنواعها- متاحة ومتوافرة في أنحاء مختلفة من البيت. وتحرص على تنوعها حتى لا يفهم الطفل أن الجريدة أو المجلة مثلاً هما المصدر الوحيد المقروء خارج مقاعد الدراسة.
٤- احرص على أن تقتني كتبك الخاصة أمام أطفالك لتكون مثالاً يُحتذى بك، إذ يرى طفلك بين أقوالك وأفعالك تطابقاً. وفي هذا ما يُنبّهه كذلك إلى أنّ القراءة ليست نشاطاً مرتبطاً بالواجب المدرسي، أو حكراً على الأطفال دون الكهول.
٥- كن حريصاً على إنشاء نواة لمكتبة في بيتك يُثريها أفراد العائلة بصفة دورية بمقتنيات متنوعة تلبي ميولهم المختلفة.
٦- اجعل زيارة المعارض والمكتبات ومواكبة الفعاليات المرتبطة بالكتاب والثقافة عامة، تجري بصفة مشتركة ودورية مع أفراد العائلة.
٧- مكّن الطفل من اختيار كتابه الذي يشتريه (مجلة، قرص، ليزري، قصة، كتاب علمي، إلخ)، ومن الأفضل أن يضع عليه اسمه وتاريخ الاقتناء والمناسبة إن وُجدت. فهذا يُشعره بمتعة امتلاك الكتاب وإثراء مكتبته الخاصة وإضفاء جو المنافسة مع إخوته وأقرانه.
٨- شجّع الطفل على تخصيص قسط من مصروفه لشراء كتبه أو للاشتراك في بعض المجلات. وانصحه بادّخار مبلغ من المال في حصّالته بعنوان مقتنيات الكتب بأنواعها.
٩- ساهِم في خلق تقاليد تبادل الكتب وإهدائها في محيط طفلك الاجتماعي الموسّع بين أصدقائه. ومن المهم أن يعتقد الطفل أن أفضل هدية إلى طفل في عيد ميلاده، أو بمناسبة نجاحه، أو عند زيارة طفل مريض، هي كتاب يُؤنسه ويُخفف معاناته.
١٠- شارِك طفلك في متعة القراءة. واحرِص على مرافقته في مطالعة كتاب أو رواية حكاية شفوية. وعلينا أن نتذكّر جميعاً ما قيل في شأن الكتاب من حيث إنّ "أحسن هدية نُقدّمها لأطفالنا هي الوقت الذي نقضيه معهم. وأحسن طريقة نقصيها مع أطفالنا هي مشاركتهم متعة القراءة".
*****
كتاب (دليل الأولياء لترغيب الأبناء في القراءة). إعداد: وفاء المزغني، ومحمّد الشيبّاني.
10.12.2019
#نصائح_من_أجل_طفل_قارىء
#نعيم_الفارسي

الثلاثاء، 3 ديسمبر 2019

صالح علماني مترجم برتبة كولونيل.. خليل صويلح

يعمل (صالح علماني) منذ نحو ثلاثة عقود (وقت صدور الكتاب) على ترجمة أدب أمريكا اللاتينية، والآداب المكتوبة بالإسبانية عموماً، كما لو أنه ورشة عمل متكاملة. ويعود الفضل إليه في ترجمة عشرات الروايات التي شكّلت ما يُسمى بموجة (الواقعية السحرية). ينطلق (صالح علماني) صباحاً من منزله في ضواحي دمشق إلى مكتبه في الهيئة العامة السورية للكتاب. هناك يتناول قهوته الصباحية، يجول في مواقع الكتب الإسبانية على شبكة الإنترنت. عندما يعجبه كتاب جديد، يوصي به على الفور. يترجمه إلى العربية بلغة رشيقة ومصقولة، ليجد القارىء نفسه في لذة القراءة، كأن الكتاب مكتوب باللغة العربية.
لكن كيف بدأت علاقة المترجم باللغة الإسبانية؟ يقول: "في عام ١٩٧٠م غادرت (برشلونه) لدراسة الطب، ثم تركته لدراسة الصحافة. لكنني صمدت سنة واحدة فقط، عملت بعدئذ في الميناء واختلطتُ بعالم القاع كأي متشرد. وبينما كنت أتسكع في أحد مقاهي (برشلونه) ذات مساء، قابلت صديقاً كان يحمل كتاباً. نصحني بقراءته. كانت الطبعة الأولى من رواية (مائة عام من العزلة) لماركيز. عندما بدأت قراءتها، أصبت بصدمة. لغة عجائبية شدتني بعنف إلى صفحاتها. قررت أن أترجمها إلى العربية..". هذه الملاحظة قادت (علماني) إلى امتهان حرفة الترجمة. يقول: "قلت لنفسي: أن تكون مترجماً مهماً أفضل من أن تكون روائياً سيئاً. هكذا مزقت مخطوط روايتي الأولى دون ندم وانخرطت في ترجمة روايات الآخرين".
ترجم (صالح علماني) كل أعمال (ماركيز) باستثناء روايته (خريف البطريرك). يعمل صالح علماني ١٠ ساعات يومياً، ويشرح قائلاً: "اقرأ النص خمس مرات، ثم أترجمه مباشرة على شاشة الكمبيوتر. وعندما أنجز بضع صفحات، اقرأ النص الذي ترجمته بصوت عال لمعرفة الإيقاع السمعي للجملة". وعن سؤال أيهما المهم في الترجمة: الدقة أم الأمانة للمضمون؟ أجاب: "الدقة أولاً، الأمانة وحدها لا تبرر تخريب النص الأصلي، هذا لا يعني تغيير أفكار النص، لكل لغة منطقها الخاص، وليس بالضرورة يتقاطع المنطقان بلاغيا".
ما هي الرواية التي يعتبرها (علماني) أكثر متعة أثناء ترجمتها؟ يجيب بحماسة: "(الحب في زمن الكوليرا) لماركيز. هذه الرواية عشتها حقاً كأنني لا أزال مع (فلورينتيو اريثا) ومعشوقته (فيرمينا) نبحر في رحلة ذهاب وإياب مدى الحياة".
بالطبع فإن قارىء اللغة العربية مدين لهذا المترجم البارع برف كامل في المكتبة العربية لأبرز الروايات المكتوبة بالإسبانية، عدا الأعمال الكاملة لماركيز، وأعمال (يوسا)، و(إيزابيل الليندي)، و(جوزيه سارماغو)، و(إدواردو غاليانو)، و(خوان رولفو)، وحفنة من أبرز كُتّاب القارة اللاتينية. ترجماته تصب جميعاً في مسار واحد، وتندرج ضمن مشروع ثقافي متكامل، بدأه منذ ٣ عقود، وقد وضع في حسابه أن ينتهي إلى الرقم مئة، في سلسلة ترجماته المتواصلة. اليوم طوى الرقم الذهبي ودخل المائة الثانية. من يعرف دأب هذا المترجم عن كثب، وعمله المتواصل لعشر ساعات يومياً، لن يصدق مزاعمه عن وجود عشرات الكتب التي تنتظر دورها في الترجمة.
ليس لديه أوقات شخصية، أينما ذهب، يتأبط كتاباً جديداً وصله للتو. لا يهتم (علماني) بالألقاب والإطراءات التي تصله من قُرّاء ترجماته مثل (عرّاب أدب أميركا اللاتينية) أو (مترجم برتبة كولونيل). ما إن بلغ الستين، حتى غادر مكتبة إلى منزله، سعيداً للتحرر من أعباء الوظيفة. تفرغ لترجمة كتب جديدة لم يتح به الوقت لإنجازها.
*****
الروائي (خليل صويلح) من كتابه (قانون حراسة الشهوة)، بتصرف.
03.12.2019
#رحيل_صالح_علماني
#نعيم_الفارسي

الجمعة، 22 نوفمبر 2019

الطريق إلى الله.. محمد قطب

~ هل أحسست مرة وأنت تُقدم مساعدة لشخص لا تعرفه، فتقيله من عثرة، أو ترفع له حملاً لا يقوى على رفعه، أو تناوله شيئاً لا تناله بيده، أو تدله على حل لإحدى مشكلاته، أو تقوم له بعمل هو في حاجة إليه.. هل أحسست بالخفة تملأ نفسك، فتكاد تحمل جسمك حملا في الهواء؟ هل أحسست روحك ترفرف عالية مستبشرة، ونشوة خفية تملأ جناحيك؟
إنها الطريق إلى الله.
~ هل ضاقت نفسك بالحياة فما عدت تطيق آلامها وقسوتها؟ هل تملكك الضجر واليأس، وأحسست بالحاجة إلى الشكوى، هل تلفت حولك فلم تجد من تشكو إليه؟ لم تجد الصفي الذي يخلص لك حتى لتفتح له نفسك دون تحرج وتطلعه على كل خفاياك؟ أو لم تجد راحة في شكواك إلى الناس؟ ثم هل تطلعت إلى السماء وانفجرت بالشكوى؟ هل وجدت الله وشكوت له بثك ونجواك؟ هل أحسست أن هذا الحمم الذي تطوي ضلوعك عليه قد تدفق وتدفق، وسال كلمات على لسانك وعبرات في عينيك، وأنك أرسلتها كلها إلى القوة الكبرى القاهرة التي تملك كل شيء وتقدر على كل شيء؟ وأحسست بالراحة والبرد والسلام إذ انطلقت تلك الشحنة الحبيسة ووصلت إلى غايتها؟ وهدأت نفسك أنك أودعتها حيث ينبغي أن تودع وحيث لا تضيع؟
إنها الطريق إلى الله.
~ هل أحسست بتلك القروش التي في جيبك كأنها ليست لك؟ هل انقطعت السلسلة المتينة التي تشدك إليها وتشدها إليك؟ هل بطل الجذب العنيف الذي يربط كلا منكما بالاخر؟ هل أحسست بدلاً من ذلك أن يدك تعبث بها لتخرجها من مكمنها، نشوانة بما تفعل، طليقة من الشح، نشيطة إلى العطاء؟ هل دسستها بعد ذلك في يد فلان من الناس وانطلقت نشيط الخطوات خفيف الروح، كأنك تخلصت من ثقلة كانت تشدك إلى الأرض؟
إنها الطريق إلى الله.
المفكر (محمد قطب) (١٩١٩-٢٠١٤م) -رحمه الله- من كتابه (في النفس والمجتمع).
22.11.2019
#الطريق_إلى_الله
#محمد_قطب
#كتاب_في_النفس_والمجتمع
#نعيم_الفارسي

الأربعاء، 20 نوفمبر 2019

كن إنساناً فاعلاً ولا تكن ناقداً.. واين داير

الإنسان الخامل غالباً ما يكون ناقداً؛ بمعنى أنه يجلس في المؤخرة ويراقب الفاعلين الذين لا يُسوّفون، ثم يتفلسف منتقداً الطريقة التي يُنجز بها الفاعلون أعمالهم. ينبغي أن تعلم أنه من السهل أن تكون ناقداً، أما أن تكون إنساناً فاعلاً، فهذا يتطلّب منك جهداً ومجازفة وتغيّراً. وللأسف فإن ثقافتنا زاخرة بالنُقّاد.
اقترح عليك أن تقوم بملاحظة من حولك من الأشخاص الناجحين، ولاحظ: هل هؤلاء الناجحين يجلسون ليتفننوا في انتقاد الآخرين؟ طبعاً لا، لماذا؟ لإن الفاعلين بحق في هذا العالم ليس لديهم وقت لانتقاد الآخرين. إنهم مشغولون بانجاز ما لديهم من أعمال. إنهم يعملون.
يمكن أن يكون النقد البنّاء نافعاً ومفيداً؛ لكنك إذا اخترت لنفسك أن تقوم بدور المراقب لا الفاعل، فإنك لن تنمو ولن تتحسن. علاوة على ذلك فقد تستغل نقدك هذا لكي تُحرر نفسك من مسؤوليتك عما أنت عليه من جمود، وذلك بأن تُسقط ما فيك من مثالب على هؤلاء الذين يتحركون ويكدّون. فهؤلاء النقاد يتتبعون أخطاء الآخرين وينتقدوهم؛ بسبب ما لديهم من إحباطات.
هيا صديقي، قم واعمل ولا تكن من القاعدين الناقدين.
*****
(واين داير).. من كتابه (مواطن الضعف لديك)، بتصرف.
21.11.2019
#لا_تكن_إنساناً_ناقداً
#واين_داير
#كتاب_مواطن_الضعف_لديك

الثلاثاء، 5 نوفمبر 2019

ملاحظاتي حول سلطنة عُمان خلال زيارتي لها.. عبد الوهاب مطاوع

دُعيت منذ سنوات لزيارة سلطنة عُمان حينُ كنتُ رئيس تحرير مجلة (الشباب) عن طريق مستشارها الإعلامي بسفارتها في القاهرة. ولكن لظروف عملي لم أستطع أن أُلبّي الدعوة في حينها. ثم تغيّر السفير ودُعيت مرة أخرى فلبيتها دون أن أطلع على برنامج الزيارة وماذا سيكون فيه، لأني ظننت أنه سيكون نفسه لم يتغير منذ أن طلب مني السفير السابق الزيارة.
وصلت إلى مطار مسقط في وقت متأخر من الليل، فوجدتُ مندوباً من الجهة الداعية في انتظاري. ولفت نظري أنه شاب صغير السن قد لا يتجاوز عمره ٢٠ عاماً. وقد رحب بي الشاب وساعدني بشهامة في حمل حقيبتي. ثم اصطحبني في السيارة إلى الفندق. الطريق إلى الفندق خالٍ في هذا الوقت المتأخر من الليل، والشاب المرافق يقود السيارة بسرعة جنونية كأنما يسابق بها الريح، ويبتسم كلما رجوته أن يُخفف من سرعته، ويستجيب لرغبتي للحظات، ثم لا يلبث أن تغلبه طبيعة الشباب.
وصلنا إلى الفندق بسلام. وقدّم لي الشاب برنامج زيارتي الذي كان قد أُعد سابقاً، وعندما قرأته ذُهلت، لأن البرنامج كله سيكون لقاءات ومقابلات مع رؤوساء الاتحادات الرياضية في الدول العربية ابتداءً من رئيس اتحاد الهوكي، إلى رئيس اتحاد الكرة الطائرة، إلى سكرتير اللجنة الأوليمبة الرياضية. يا إلهي! ماذا أقول في هذه اللقاءات، لقد خدع اسم مجلة (الشباب) من أعدوا لي هذا البرنامج، بسبب الربط الشائع بين الرياضة والشباب، فتصوروا أنه من الأنسب لاهتماماتي أن التقي بمسؤولي الرياضة في بلدهم، وليس برجال الأدب والسياسة والمشتغلين بالصحافة كما هي اهتماماتي الأولى. أدركت سوف أتحرج من لفت نظر الجهة الداعية إلى عدم ملاءمة هذا البرنامج لاهتماماتي، فقررت الاستسلام لأقداري.
نهضت في الصباح منتعشاً بعد ساعات نوم هادئة في ليلتي الأولى في مسقط، وشربت قهوتي، وأخرجت ما أحمله معي دائماً من كتب أو نشرات عن الدولة التي أزورها، لأقرأ عنها قبل أن أتعرف عليها على الطبيعة. استغرقت في قراءتي لما حملته معي من كتب صغيرة عن سلطنة عمان أو (مسقط وعمان) كما كانت تعرف في التاريخ من قبل، وعرفت أن عدد سكانها في أحدث تقديراتها حوالي ١,٨ مليون نسمة، وأن نسبة الكثافة السكانية فيها قليلة ولا تكاد تتجاوز ٩ أشخاص في الكيلو. أما جامعتها فحديثة النشأة تأسست عام ١٩٨٦م..
ولأربعة أيام متتالية رحت أتنقل بين مكاتب رؤساء الاتحادات الرياضية، وأستمع إلى وجهات نظرهم في أحوال اللعبات التي يديرونها، وأستسلم في بعض الأحيان لشرودي خلال ذلك، وأجاهد لكيلا تبدو عليّ ملامح عدم التخصص أو الاهتمام. وبين كل لقاء وآخر يترفق بي المرافق فيصحبني لزيارة حصن أثري قديم. وانتهى برنامج الزيارة بسلام، ووجدتني في نهايته قد كونت فكرة لا بأس عنها عن أحوال الرياضة في عُمان، وسجلت بعض ملاحظاتي:
فقد لاحظت خلال جولاتي في أسواق مسقط ظاهرة أعجبت بها، وتعجبت منها. فقد رأيت شاباً لا يزيد عمره عن ١٩ عاماً، ومعه أخته التي لا يزيد عمرها عن ١٧ عاماً، يتسوقان في المحلات التجارية ويتشاوران فيما يشتريان، وأعجبت بأن يصطحب الأخ أخته وأن يتبادل معها الرأي بهذه الروح الأسرية الجميلة، وأبديت ملاحظتي للشاب المرافق، فاستغرق في الضحك ثم قال لي: إن هذين الشابين زوجاً وزوجة، وما زالت ظاهرة الزواج المبكر منتشرة معنا في عُمان.
ولاحظت كذلك هدوء الحياة في هذا البلد العربي بصفة عامة. ونظافة شوارعه واحترام أهله لقواعد المرور.
أما أغرب ملاحظاتي فقد تركزت على تحوّل أسواق وسط المدينة يوم الجمعة من كل أسبوع إلى سوق هندية خالصة يُخيل إليك حين تراها أنها في مدينة من مدن شبه القارة الهندية وليست في دولة عربية، فأنت لا ترى فيها إلا هنوداً من العاملين في هذه الدولة خرجوا يوم راحتهم الأسبوعية لشراء احتياجاتهم، فسدوا مداخل وسط المدينة ومحلاتها وأسواقها، حتى لينصحك الخبير إذا أردت شراء شيء من أسواق مسقط، ألا تخرج لشرائه يوم الجمعة.
وأخيراً لاحظت أيضاً انتشار العمران في المدينة، وبساطة معظم من تعاملت مع أهلها.
****
الأديب المصري (عبد الوهاب مطاوع) (١٩٤٠-٢٠٠٤م) -رحمه الله-. بتصرف من كتابه (الرسم فوق النجوم).
نعيم الفارسي 05.11.2019
ملاحظاتي_حول_زيارتي_سلطنة_عُمان#عبدالوهاب_مطاوع#كتاب_الرسم_فوق_النجوم#نعيم_الفارسي

احصل على Outlook لـ iOS

الأربعاء، 16 أكتوبر 2019

هل لك أهداف تُريد أن تُحققها ولم تستطع حتى الآن؟ إسلام جمال

هل تُريد ممارسة الرياضة بانتظام؟ هل اشتريت كتباً ولم تنظر فيها إلى الآن؟ هل تمنيت أن يكون لك وِرد يومي من القرآن الكريم؟ هل تاقت نفسك لأن تحفظ القرآن الكريم؟ هل تُحب الكتابة ولم تكتب بعد؟ هل تُريدأن تتعلّم لغة جديدة؟ ربما جعلتك تلك المعيشة اليومية الرتيبة مشغولاً لدرجة أنك نسيت أن تطمح وتضع أهدافاً، أو لديك هذه الأهداف لكنك لا تجد الوقت لتحقيقها.
هل تود تحقيقها؟
أوصيك باستغلال وقت الصباح (أقصد الساعة أو الساعتين بعد صلاة الفجر)، ففي هذا الوقت تستطيع أن تُحقق أهدافك. فعشر دقائق كل يوم تمكنك من حفظ كتاب الله تقريباً في خمسة أعوام!
(مع الصباح) وفقني الله أن أحفظ الكثير من سور القرآن رغم أنني أستغرق عشر دقائق فقط كل صباح لحفظ ثلاث آيات، وقراءة تفسيرهم. وقديماً كنت أشعر بالحزن كلما مضى عام وأتى عام حيث كان الحال هو الحال، لكن مع ذلك الهدف (حفظ ٣ آيات يومياً)، استطعت أن أُحقق هدفي.
(مع الصباح) لم تعد قراءة القرآن أمراً أفعله كل رمضان فقط، حيث أنني أخصص عشر دقائق كل صباح لقراءة القرآن، والعشر دقائق هذه تعادل قراءة نصف جزء تقريباً.
(مع الصباح) أصبحت أقرأ تقريباً أربعين كتاباً كل عام، بعد أن مضت سنون من عمري لم أتمكن فيها من قراءة بضع صفحات في كتاب. اقرأ ساعة كل صباح. أتقنت مجالات كنت لا أعرف ترجمة أسمائها. تقول الإحصائيات: "إن قراءة ساعة كل يوم تعادل درجة دكتوراه في السنة". وهناك كتب لا تتعدّى صفحاتها ٢٠٠ صفحة، وضع كُتّابها فيها خبرات تزيد عن خمسين عاماً. الكتاب نافذة تتطّلع من خلالها إلى العالم.
(مع الصباح) ولد هذا الكتاب الذي تقرؤه الآن، وأظن لولا الصباح لما وجدت وقتاً للكتابة. وهناك ملايين الكتب حول العالم ولدت في الصباح، حيث ذلك السكون الذي يُزينه فقط أصوات الطيور وهي تستقبل يومها ساعية إلى رزقها.
(مع الصباح) استطعت أن أمارس الرياضة لمدة عشرين دقيقة. ممارسة الرياضة ستغيّر حياتك نفسياً وبدنياً، أي رياضة، المشي أو الجري.. كذلك ممارسة الرياضة تزيد الشعور بالسعادة وتساعد في التغلّب على المزاج السيء، حيث يفرز الجسم مادة (الإندروفين) التي تساعد على الاسترخاء وتقليل الإحساس بالتوتر. بعشرين دقيقة يومياً مع الصباح حميت جسمي من أن يزيد وزنه وأن يتغير شكلي.
فقط خصص ساعة كل صباح بعد صلاة الفجر وقسمها بين ممارسة الرياضة والقراءة وقراءة كتاب الله وحفظه، أو أي عمل آخر تحب أن تقوم به، وداوم على ذلك، فقد قالوا: "قطرات الماء توشك أن تفلق الصخر، ليس بقوتها، بل بتتابعها"، وقال رسولنا -صلى الله عليه وسلم-: (أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل).
تلك الساعة التي تخصصها لنفسك كل صباح؛ سوف تجعل كل دقيقة في يومك مفعمة بالطاقة والحماس، وستكسبك منظوراً جديداً يساعدك على الارتقاء في كل جوانب حياتك، سوف تُغيّرك هذه الساعة وتجعل منك إنساناً أفضل.
*****
إسلام جمال.. من كتابه (فاتتني صلاة!!)، بتصرف.
17.10.2019
#مع_الصباح
#كتاب_فاتتني_صلا #نعيم_الفارسي

السبت، 12 أكتوبر 2019

كن صبّاحاً.. (قصة).. إسلام جمال

يروي (هال إلرود) في كتابه الرائع (الصباح المعجزة) الذي غيّر حياة آلاف الأشخاص، كيف أن الاستيقاظ مبكراً أنقذه من حالة اكتئاب متأخرة كادت أن تصل إلى الانتحار، فبعد أن كان يعيش حياة ناجحة اجتماعياً وعملياً وكان قد نُشر له كتاب حقق مبيعات رائعة؛ تغيّر كل شيء فجأة بعد الأزمة الاقتصادية عام ٢٠٠٧م، فوجد نفسه بلا عمل، غارقاً في الديون، لا يستطيع حتى أن يدفع فواتير بيته، حتى انتهى به الحال إلى حالة متأخرة من اليأس والاكتئاب.
كان (هال) يقضي معظم وقته نائماً، حيث لم تكن لديه رغبة في الاستيقاظ من نومه لمجرد يقينه بأنه سيواجه هذه الحياة التي لا معنى لها. وفي أثناء حديثه مع أحد أصدقائه المقربين، نصحه صديقه بأن يُجرّب ممارسة بعض التمارين الرياضية حتى يخرج من حالة الاكتئاب هذه، ونصحه بأن يمارس رياضة الجري خاصةً. أخبر (هال) صديقه بأنه لم يمارس رياضة الجري في حياته، بل إنه لا يُحب رياضة الجري أصلاً، ولكنه تذّكر أنه أيضاً لا يحب الحياة التي يعيشها، فما المانع إن جرّب رياضة الجري هذه؟ ومع ظهيرة يوم العطلة الأسبوعية، ارتدى (هال) ملابسه الرياضية وبدأ بالركض حول المنطقة التي يسكنها.
كانت تجربة مفيدة بالنسبة له، حيث شعر أن القلق تلاشى في تلك اللحظات التي كان يجري فيها، وغمره إحساس مؤقت بصفاء الذهن الذي ساعده بالبدء في التفكير الإيجابي تجاه مشكلات حياته. أحب (هال) هذه التجربة ككل، وعزم على ممارسة رياضة الجري بانتظام كما عزم على فعل بعض الأمور التي يمكن أن تُحسّن من الحياة التي يعيشها، ولكنه وجد صعوبة في إيجاد الوقت لفعل هذه الأمور، حيث كان مشغولاً لدرجة أنه لا يجد الوقت لتحسين حياته.
لم يعتد (هال) أن يستيقظ مبكراً إلا في حالات الضرورة، وكان يعتبر نفسه كائناً ليلياً، لذلك قرر أن يمارس رياضة الجري والأمور الأخرى بعد الانتهاء من العمل، ولكنه اكتشف أن وقت الليل ليس الوقت المناسب حيث أنه دائماً يكون متعباً وليس في الحالة الذهنية والبدنية المطلوبة. فكّر أن يستغل وقت الراحة في وسط العمل، ولكنه نادراً ما كان هذا الوقت أهلاً للاستخدام، حيث التفكير في مهام العمل كان ما يفعله في وقت هذه الراحة.
لم يجد (هال) وقتاً مناسباً إلا الصباح الباكر قبل الذهاب إلى العمل، لكن هذه الفكرة كانت بمثابة كابوس بالنسبة له، فهو لا يتصور أن يستيقظ في الرابعة أو الخامسة صباحاً، فقد كان يستيقظ بصعوبة بالغة في الساعة السادسة وأحياناً السابعة من أجل الذهاب إلى العمل، ولكنه قرر أن يحاول.
كتب (هال) ستة أمور من شأنها إضافة معنى للحياة التي يعيشها، وقرر أن يستيقظ الساعة الخامسة صباحاً، وأن يعطي كل أمر عشر دقائق فقط، وبعد ذلك يذهب إلى عمله. تلك الأمور كان منها: الدعاء والقراءة وممارسة بعض التمارين. في اليوم التالي، استيقظ (هال) في الخامسة صباحاً رغم أنه لم يحصل على نوم كاف، وبدأ تنفيذ الخطة التي وضعها لنفسه، وبما أنه كان يستغرق عشر دقائق لكل نشاط، لم يشعر بالثقل أو المقاومة لممارسة هذا النشاط.
حافظ (هال) على هذا الروتين الصباحي لبضعة أسابيع، وشعر بتغيّر ملحوظ في حياته، حيث أن القلق بدأ يتلاشى شيئاً فشيئاً وأصبح أكثر تركيزاً على حل مشكلاته وأكثر سعادة، وقرر أن يستيقظ في الرابعة صباحاً؛ ليعطي كل نشاط مدة أطول، وبالفعل أصبح الاستيقاظ في الرابعة عادة يفعلها دون مجهود.
بعد شهرين تغيّرت حياة (هال) بشكل جذري، لذلك أراد أن يطلق اسم على هذا التغيير وأن يشاركه مع الآف الناس، فأطلق عليه اسم (الصباح المعجزة). (الصباح المعجزة) أصبح اسماً للندوات التي يعقدها (هال) لمشاركة الناس قصته، وأصبح أيضاً عنوان كتابه الذي باع ملايين النسخ وتُرجم إلى ١٧ لغة، وتم تأسيس موقع يشارك فيه آلاف الأشخاص الذين تغيّرت حياتهم مع الصباح المعجزة، حيث يتم سرد عشرات القصص يومياً.
ونحن المسلمين نملك هذا الوقت بعد صلاة الفجر. فهناك ساعة أو ساعتين من بعد الفجر حتى الذهاب إلى عملك، فلو خصصت هذا الوقت لتزكية نفسك والعمل على أهدافك، ستتغير حياتك. ساعة الفجر هذه لا تعادلها أي ساعة، يسميها علماء النفس غير المسلمين بالساعة السحرية، وإن أردت أن تعوضها بأي ساعة أخرى من اليوم فلن تستطيع. ذلك لأن ساعة الفجر غير قابلة للاختراق، حيث يكون معظم سكان هذا الكوكب نائمين، فلن يخترق أحد تلك السويعات التي خصصتها لنفسك، لن يتصل بك أحد، لن يطلب مقابلتك أحد؛ لذلك عندما تستغل هذه الساعة للعمل على أهداف، لن تُضطر أبداً إلى التأجيل بسبب أمور الحياة اليومية.
في دراسة أُجريت على الرؤساء التنفيذين لأنجح عشر شركات بالعالم، وجدوا أن الصفة المشتركة بينهم هي الاستيقاظ بين الثالثة والخامسة صباحاً. وقد قرأت سير كثير من رجل الأعمال الذين تخطى حسابهم البنكي مليارات الدولارات، فوجدت أن الاستيقاظ مبكراً صفة أساسية لهم.
فأعطِ نفسك فرصة وانضم إلى أولئك القلة المتميزين الذين يبدءون يومهم قبل معظم سكان هذا الكوكب.
*****
إسلام جمال.. من كتابه (فاتتني صلاة!!)، بتصرف يسير.
13.10.2019
#كن_صبّاحاً
#كتاب_فاتتني_صلاة
#نعيم_الفارسي

احصل على Outlook لـ iOS

السبت، 28 سبتمبر 2019

هل واجهتك مثل هذه الظروف الصعبة؟ (قصة)

هل تعتقد أنك مررت بظروف صعبة في أيام طفولتك؟ هل تظن أن طفولتك كانت قاسية جداً؟ لذلك لم تستطع أن تنجح في حياتك وتتغلب على المصاعب!؟ إليك هذه القصة وأحكم بعدها إن كانت ظروفك التي مررت بها أقسى من ظروفها. تحكي قصتها من خلال رسائل متفرقة رسلتها لصديقها، فتقول بما مختصرة:
"عندما كنت طفلة (٤ سنوات) كان البيت الذي عشنا فيه مؤلفاً من حجرة وحيدة، صغيرة للغاية، خالية من النوافذ، ولها باب وحيد يطل على الشارع. في تلك الحجرة عشتُ أنا وأختي (إيلينا)، وطفل لم أعرف له اسماً قط، وسيدة تُدعى (ماريا)، لم تُحدثنا يوماً عن أسرتها أو حياتها، واقتصرت صلتنا بها على الانصياع لأوامرها. كانت قاسية وفي غاية الصرامة. خلت حجرتنا من الإضاءة الكهربائية والمرحاض، فلم يكن عندما مرحاض سوى المبولة. كانت حياتنا تجري في الشارع، حيث يتعيّن عليّ الذهاب -أنا الطفلة ذات الأربع سنوات- إلى مكب النفايات صبيحة كل يوم لإفراغ المبولة المتنقلة التي نستخدمها جميعاً طوال الليل. الروائح المنبعثة من المبولة كريهة للغاية، حتى إنني كثيراً ما كنت أفرغ ما في جوفي على المبولة! أما أختي الأكبر عني بعامين، فكان عليها الذهاب إلى الصنبور لجلب الماء الذي نحتاج إليه على مدى اليوم، في حين يُحضر الطفل الفحم ويتخلص من الرماد. لم أعرف الاستحمام في طفولتي إلا عدة مرات! ولم يكن لي سوى لباس واحد فقط.
أحياناً السيدة (ماريا) توقظنا (أنا وأختي والطفل) في وقت مبكر للغاية، والظلام لا يزال مخيماً، وكأنه ليل؛ وذلك لإفراغ المبولة، وإحضار الماء والفحم. بعد ذلك تخلت السيدة (ماريا) عن الطفل الذي لم أعرف اسمه، وقالت لنا: إنه لن يعود، والده يريده أن يعيش في أحد الأديرة؛ لذلك أخذه! من دون الطفل أحسست بالتيه، بكيت، صرخت، أناديه، في ذلك اليوم شعرت أن السيدة (ماريا) في غاية القسوة أن تخلت عن الطفل!!
كذاك كانت السيدة (ماريا) بعد أن أفرغ المبولة وأختي تجلب الماء، توصد باب الحجرة علينا طوال الوقت الذي تقضيه في الخارج، وأحياناً كثيرة كانت لا ترجع إلا بالليل غير مبالية إن بقينا بلا طعام! وكنت أنا وأختي نبكي من فرط الجوع!! حتى أصبنا بأمراض كثيرة نتيجة قلة الأكل! كما كان غير مسموح لنا باللعب مع أطفال الحي. كنا نظل حبيسين الغرفة طوال النهار! وكانت السيدة كثيراً ما تضربنا ضرباً مبرحاً أنا وأختي لأدنى هفوة.
في يوم ما، مرضت السيدة (ماريا) مرضاً شديداً، وظلت حبيسة البيت عدة أيام، وآتى لها الجيران بالطبيب، وخرج الطبيب وطلب منا أن نذهب لغرفة السيدة (ماريا) لأنها تريد رؤيتنا. أسرعنا لغرفتها، وجدناها مستلقية وبين ذراعيها طفل وليد. وقالت لنا: أهداه الطبيب لي.
مع دخول هذا الطفل حياتي، بدأت المهام تزيد. حيث كان عليّ الاعتناء بالطفل وتنظيفه، رغم أنها جلبت خادمة تعتني به. وكانت السيدة (ماريا) تذهب في الصباح ولا تعود إلا في ساعات متأخرة من الليل. وكنت أيضاً كل سبت أذهب إلى النهر برفقة الخادمة لكي تساعدني في غسل الثياب. وذات يوم هبت عاصفة شديدة وتشبثت في شجرة وكدت أغرق في النهر لولا أن أنقذني الرجال المتواجدون هناك.
بدأ الطفل يكبر، وبدأت السيدة (ماريا) معنا أكثر قسوة، ولأنها كانت تضرب واحدة منا، فتبكي الأخرى أيضاً، قررت أن تضربنا معاً في كل مرة، أياً كانت المخطئة. وفي يوم قالت لنا السيدة (ماريا): "لولاكما لكانت لي حياة غير هذه الحياة، لولاكما لما أتيت إلى هذه البلدة البائسة. لكنكما عثرة في طريقي دوماً، وأقسم أن أتخلى عنكما في أول فرصة. والآن اغربها عن وجهي ولا تدعاني أراكما مرة أخرى وإلا أوسعتكما ضرباً".
وفي يوم لا أنساه، وضعت الخادمة الطفل في سلة الثياب، وأخذتني معها وكان الظلام شديداً حتى لم أستطع رؤية الطريق، وقالت لي إننا ذاهبون إلى النهر. ومشينا كثيراً وفجأة سلكت درباً ضيقاً طويلاً، حتى وصلنا إلى بيت أبيض كبير، وطلبت مني الخادمة أن انتظرها هنا، تابعتها بعيني، فرأيتها تسير على أطراف أصابعها خفيفاً، دنت من البوابة، حيث وضعت الطفل. حينها أدركت أننا قد ذهبنا لنتخلى عنه. ارتعشت ساقاي، وإذا بي أثب كالزنبرك صوب الطفل، أدركتني الخادمة وأمسكت بإحدى ساقاي، ألقيت بنفسي ورحت أضرب الأرض برأسي. شعرت بالاختناق. جعلت الخادمة تتوسل إليّ بأن لا أحدث ضجة والمسارعة بالذهاب. أعتقد أني في تلك اللحظة (٤ سنوات كان عمري حينها) تعلمت معنى الظلم دفعة واحدة، ولسوف يبقى ذلك اليوم هو أقسى أيام حياتي! حكت لي الخادمة فيما بعد أني بقيت عاجزة عن النطق ثلاثة أيام من هول الصدمة. فهذا ثاني طفل تتخلى عنه السيدة (ماريا).
وفي يوم ما، قالت السيدة (ماريا) وكان برفقتها رجل، أننا سنرحل من هذه القرية، وقد جهزت لنا من يحملنا، وأنا وهذا الرجل سنتقدمكم وسنلتقي بكم هناك في محطة القطار. وحين وصلنا أنا وأختي إلى محطة القطار، لم نجدها ولم نجد الرجل الذي كان معها، لقد رحلت ولم تنتظرنا!! توجه من حملونا يسألون عنها، فأخبروهم أنها رحلت في القطار، فرحت أنا وأختي نبكي ونقول: لقد تخلت عنا. وتحلق الناس حولنا، وظل يسألوننا: من اسمكما، وما اسم بابا وماما؟ وجاء الشرطي والكاهن، ولكنها لم يفلحا لعدة أيام للوصول إلى السيدة (ماريا)، ولم ترجع السيدة (ماريا) لتسأل عنا. لقد قررت التخلي عنا وتركنا.
حينها تقرر وضعنا في الدير، وهناك بدأت مأساة شديدة لي ولأختي، حيث القسوة والإهانات، والعمل لمدة ١٠ ساعات متواصلة بدون رحمة، حيث لا يعرفون إذا كنت طفلا أو كبيراً، أصبت بالحول لشدة عملي في التطريز. معاناة ظلت حتى قررت الهرب مشياً على الأقدام من الكنيسة بعدما بلغ عمري ١٩ عاماً".
هل تعرف من هذه المرأة؟ إنها الكاتبة والرسامة المبدعة الكولومبية (إيمّا رييس) (١٩١٩-٢٠٠٣م). والتي لقبت فيما بعد بـ (الأم الكبيرة).
وهل تعرف من هي السيدة (ماريا)؟ إنها أمها، وقد تخلت عنها لأنه كانت ابنة غير شرعية. 
تعلمت (إيما رييس) القراءة بعد سن العشرين؛ لأنها كانت معزولة عن العالم الخارجي قبل ذلك. ومع ذلك استطاعت أن تبدع وتصبح فنانة مؤثرة، واستطاعت أن تعقد صداقات مع شخصيات عالمية شهيرة.
وقد كتبت مذكراتها بتشجيع من الروائي الشهير (ماركيز)، وأذهلت العالم بما روته فيها من سيرتها التي اسمتها (بريد الذكريات) وقوة تذكرها للأحداث في طفولتها.
وقد قرأتها وتأثرت بها كثيرا، فقررت أن ألخص قصتها، لتعرف أن لا شيء يُعيقك عن النجاح إذا قررت ذلك.
والآن أخبرني: هل عانيت مثل ما عانت (إيمّا رييس)؟ 
كتبه ولخصه: نعيم الفارسي
28.09.2019
#نعيم_الفارسي

الحصول على Outlook لـ iOS

الأحد، 22 سبتمبر 2019

كف عن الشكوى المستمرة.. ريتشارد كالسون

لا شك أنك تدرك جيداً عند الحديث مع الآخرين عن الأشياء التي مرت بك خلال يومك، تميل لذكر الأمور السلبية التي حدثت لك. وإذا سألك أحدهم: "كيف كان يومك؟" تقول: "لقد كان يوماً سيئاً". وإذا فصلت القول، فقد تذكر أنك لم تجد وقتاً كافياً لإتمام عملك، وتذكر الخلافات والمشكلات التي مرت بك، والأشخاص الأفظاظ الذين تعاملت معهم، ومديرك الذي لا يكف عن توجيه الأوامر إليك، وكل الأمور التي حدثت على غير ما يرام.
ولا شك أنك محق في كثيرٍ مما تذكره، فإن معظم البشر يكون يومهم مثقلاً بالهموم والمشكلات والمصاعب. ولكن: هل كل هذه النظرة السلبية تشمل اليوم كله، أم جزءاً منه؟ هل تصف يومك كما حدث بالضبط، أم تصف أحداثاً معينة تختار ذكرها ومناقشتها مع الآخرين؟
أرجو منك الآن أن تكون صادقاً تماماً مع نفسك وأنت تُجيب عن هذه الأسئلة التالية عن آخر يوم ذهبت فيه للعمل: هل توقفت لتناول القهوة وأنت في طريقك إلى العمل؟ هل حصلت على وقت راحة لتناول الغداء؟ هل كان الغداء لذيذاً؟ هل دخلت في أي حوارات مع آخرين أثناء يومك؟ هل خطرت لك أية أفكار جديدة؟ هل شاهدت أي مناظر جميلة أو مناظر طبيعية؟ هل سمعت أي طرفة جميلة؟ هل أثنى عليك أحد؟ هل استمعت لبرنامج شيق في سيارتك؟ هل قمت بحل أي خلافات؟ هل حصلت على أموال؟
إذا كانت ردودك على الأسئلة السابقة إيجابية، فإن أيامك أسعد من أيام غالبية البشر. وهذا لا يعني في الوقت نفسه أن تظن أن يومك كله رائع. إننا عندما ننظر جيداً للأسئلة السابقة يتضّح لمعظمنا أنه ليس كل أيامنا سيئة.
إنني عندما أركز على النقاط الإيجابية التي حدثت في يومي، فإن عيني تتفتح على رؤية عالم جديد. لقد أصبحت أدرك الآن أن هناك جوانب ممتعة كثيرة خلال يومي لم أكن أراها من قبل. لم أعد الآن أتجاهل حوارتي ومناقشاتي المجدية مع الآخرين، ولم أعد أتجاهل التحديات المثيرة التي أستمتع بمواجهتها، ولا علاقاتي الطيبة مع أصدقائي وغيرهم من الناس. ولا شك أن نظرتي تغيّرت كثيراً؛ ولهذا لم تعد تضايقني صغائر الأمور التي لا بد من التعامل معها يومياً. وأنا واثق أنك تستطيع أن تكون كذلك.
*****
د. ريتشارد كالسون.. من كتابه (لا تهتم بصغائر الأمور في العمل)، بتصرف.
23.09.2019
نعيم الفارسي

الخميس، 25 يوليو 2019

من استوى يوماه فهو مغبون.. عبد الوهاب عزام

من كلام المسلمين المأثور: "لا بارك الله في يومٍ لا أزداد فيه علماً".
إننا على هذه الأرض لنعمل ونسعى في عمرانها وإصلاحها، وفي إصلاح أنفسنا وتعليمها وتهذيبها، ودفعها كل يوم بالترغيب أو الترهيب خطوة أماماً، أو شبراً أو إصبعاً، فإن تعذر التقدّم بالعمل والعلم، فينبغي ألا يحرم الإنسان تقدّماً في الفكر أو النية أو الأمل.
إن جسم الإنسان في حركة دائمة وتغيّر مستمر، زيادة ونقصاً وقوة وضعفاً، فينبغي أن يساير نمو النفس والعقل نمو الجسد، وينبغي أن تتدارك قوتهما ضعفه ونموها نقصه. فمن طلعت عليه شمس يومه كما طلعت شمس أمسه لم يكسب لدنياه ولا آخرته، ولم يعمل لنفسه ولا لأمته، لم يستفد علماً ولا فكراً، ولم يكسب خيراً في قول أو فعل أو نية؛ فقد غبن نفسه بما تقدم به العمر يوماً ولم يتقدم، ومضى الزمان حيناً ولم يمضِ، وتحرّك به الفلك ولم يتحرك.
من استوى يوماه فهو مغبون (أي خاسر)، فكيف بمن استوى شهراه؟ وكيف من استوت سنتاه؟ وكيف بمن استوى عيداه؟ فهو اليوم كما كان في عيده الماضي لم يُساير الزمن في هذه السنة؟!
وارحمتاه للناس! كيف بمن لم يستوِ سنتاه ولا شهراه ولا يوماه؟ ولكنه تأخر ولم يتقدّم، زاده شرّهُ على الأيام ونقص خيره، وازداد عقله وقوله وفعله فساداً على مر الزمان كساداً، فهو اليوم شرٌ مما كان عقلاً وروحاً وأملا ونية؟!
(من استوى يوماه فهو مغبون)، إن لم يكن هذا حديثاً نبوياً، فهو حديث إسلامي فيه دعوة الإسلام وتعليمه وأمله وطموحه، دعوة الإسلام إلى التعليم والتقدّم والتكمّل كل حين بكل وسيلة.
*****
المفكر العملاق المصري د. عبد الوهاب عزام (١٨٩٤-١٩٥٩م)، من كتابه (الشوارد).
نعيم الفارسي
26.07.2019
#من_استوى_يوماه_فهو_مغبون
#عبدالوهاب_عزام
#كتاب_الشوارد
#كتب_قراءة_نعيم_الفارسي

الجمعة، 19 يوليو 2019

إنه الإصرار يصنع الأعاجيب.. (قصة إسحاق بن حنين).. نسيم المجلي

كان الطبيب والعالم والمترجم (إسحاق بن حنين) رائد مدرسة من العلماء العرب الذين شكّل اشتغالهم بالعلوم الإغريقية مرحلة الانتقال من التلّقي إلى الإبداع، ولم يكن (إسحاق بن حنين) مجرد عالم بارز أو مترجم نادر فقط (فقد ترجم لقرابة ١٠٠ كتاب من اليونانية إلى السريانية و٣٧ كتاباً إلى العربية)، وليس فقط كفقيه لغوي ومؤلف لعدد من كتب فقه اللغة العربية، بل أكثر من ذلك. ويكفي أن تعلم أن كتاب (العشر مقالات في العين) الذي ألفه (إسحاق بن حنين) هو أقدم كتاب مؤلف على الطريقة العلمية في طب العيون، وأن جميع أطباء العيون المتأخرين قد اقتبسوا من ذلك الكتاب وشرحوه.
كما كان (إسحاق بن حنين) طبيباً لأربعة خلفاء من العباسيين وموضع ثقتهم ورعايتهم. وقد عيّنه (المتوكل) عميداً لدار الحكمة (أهم وأعظم معهد علمي ثقافي في تلك الفترة، بل تعد أكاديمية عظيمة وجامعة راقية) حيث جمع حوله عدداً من التلاميذ النجباء، جعل منهم (إسحاق بن حنين) مدرسة للبحث العلمي وترجمة العلوم الطبية والفلسفية، ولقد أدت حركة الترجمة إلى إزدهار الحضارة العربية الإسلامية التي أضاءت بلاد الشرق في الوقت الذي رانت فيه حجب الجهل والظلام على كل بلاد أوربا.
لكن كيف تصدّر (إسحاق بن حنين) ووصل إلى ذُرى المجد وصار موضع ثقة أربعة خلفاء؟!
في بغداد بداية لزم (إسحاق بن حنين) مجلس الطبيب الشهير (يوحنا بن ماسويه)، والذي كان أعم مجلس في التصدي لتعليم الطب، وكان يجتمع فيه أصناف أهل الأدب، وكان (إسحاق) ظمأناً إلى المعرفة، مولعاً بالطب، وكان مواظباً أيضاً على بيت الحكمة البغدادي. لكن (إسحاق) لم يستكمل دراسته على يد أستاذه (يوحنا بن ماسويه) لأن (إسحاق) كان صاحب سؤال، وكان يصعب على (يوحنا) إجابة كل أسئلته. وفي يوم من الأيام أحرج (إسحاق) أستاذه بسؤال حول كتاب (فرق الطب)، فنهره (يوحنا) بغطرسة وقال له: "ما لأهل الحيرة وتعلم الطب! عليك ببيع القلوس على الطريق"، أي يعمل بائع سريح. وأمر (يوحنا) تلميذه (إسحاق) أن يخرج من داره، فترك (إسحاق) المجلس وخرج باكياً، وصمم على التحدّي حتى يتفوق الجميع، وأقسم أن لا يتعلّم الطب حتى يُحكم اللسان اليوناني إحكاماً لا يكون في دهره من يحكمه إحكامه.
وبالفعل وبعد عدة سنوات تفوق (إسحاق) على أستاذه (يوحنا)، بل صار -كما ذكرنا- يدرس ويعلم أذكى التلاميذ، وصار يحكم اللساني اليوناني إحكامه لا يستطيع أحد أن يجاريه فيه.
إنه الإصرار والتحدّي، يفعل الأعاجيب.
*****
كتاب (شخصيات لها تاريخ)، لـ (نسيم المجلي)، بتصرف كثير.
نعيم الفارسي
20.07.2019
#إسحاق_بن_حنين
#كتاب_شخصيات_لها_تاريخ
#نسيم_المجلي
#نعيم_الفارسي


الحصول على Outlook لـ iOS

الخميس، 4 يوليو 2019

عليك بإسعاد شخص آخر.. ريتشارد كالسون

بعد أن قضيت سنوات طويلة في العمل في مجال الإقلال من الشعور بالضيق، وتعليم الناس أن يكونوا أكثر سعادة؛ وجدتُ أن أكثر الطرق فاعلية لتقليل شعور المرء بالضيق وتحسين حياته، هي في واقع الأمر أكثرها بساطة. وأول درس بسيط وتلقائي تلقيته في كيفية الحصول على السعادة كان من والدي وأنا ما زلتُ طفلاً، إذا قال لي: "إذا أردت أن تُضفي على نفسك شعوراً جيداً، فعليك بإسعاد شخص آخر". الأمر فعلاً على هذا القدر من البساطة.
ولقد حاولت أن أُطبّق هذه الحكمة في حياتي العملية منذ أمد بعيد، وبإمكاني أن أقول أن نتيجة ذلك كانت رائعة. فكلما حاولت إسعاد شخص آخر، كان ذلك يجعل يومي مشرقاً، ويجعلني أنا الآخر أشعر بسعادة. ويُذكّرني ذلك بأن أفضل الأشياء لا تكون -في الأغلب- أشياء مادية. فإنها تتمثل في تلك المشاعر التي تُصاحب أفعال العطف واللمسات اللطيفة. ومن هذا يتضّح لي أن ما يحدث من حولك له مردود عليك.
وسواء كان ذلك بتذكر عيد ميلاد شخص، أو كتابة خطاب تهنئة على إنجاز شخص لمهمة ما بشكل حسن، أو مكالمة تلفونية ودودة، أو تقديم معروف لشخص دون سؤال منه، أو باقة من الزهور، أو كلمات تشجيع، أو غير ذلك من الاحتمالات؛ فإن أفعال العطف والتعبير هذه، هي بطبيعتها أفعال رائعة.
وهناك مقولة قديمة تقول: "إن جزاء العطاء متأصل في العطاء ذاته". وهذا قول صحيح حقاً، ويتمثّل جزاؤك على عطفك وإسعادك شخص آخر في المشاعر الدافئة والإيجابية التي تُصاحب دائماً جهودك. إذاً، إبدأ من الآن في التفكير في شخص ترغب في إسعاده وتمتّع أنت بجزاء إسعادك له.
*****
ريتشارد كارلسون.. من كتابه (لا تهتم بصغائر الأمور في العمل)، بتصرف يسير.
نعيم الفارسي
05.07.2019
#عليك_بإسعاد_شخص_آخر
#كتاب_لا_تهتم_بصغائر_الأمور_في_العمل
#ريتشارد_كارلسون
#كتب_قراءة_نعيم_الفارسي

السبت، 29 يونيو 2019

ماذا لو تم إلغاء الموت؟! مارك مانسون

يعتقد كثيرون من العلماء بأننا سنصل إلى يوم نتمكّن فيه من امتلاك القدرة على الشفاء من الموت. فسوف تسمح لنا التكنولوجيا البيولوجية باستبدال واستصلاح أجسادنا بشكل دائم، فتمكنّا من العيش إلى الأبد!
لكن ماذا سيحصل لنا لو تمكنا من إزالة الموت؟
أظن أنها ستكون كارثة نفسية كبيرة لو تم فعلاً إلغاء الموت! فمن ناحية أولى، إذا تمكنّا من إلغاء الموت، فإننا نلغي النُدرة من الحياة. وإذا ألغينا النُدرة، فإننا نلقي القدرة على تحديد القيمة. سوف يبدو كل شيء جيداً أو سيئاً على نحوٍ متساوٍ، وسوف يصير كل شيء يستحق وقتنا وانتباهنا أو لا يستحقه على حد سواء.
سيصير المرء قادراً على أن يمضي مئة سنة في متابعة برنامج تلفزيوني؛ ولن تكون لذلك أية أهمية. وسيصير قادراً على ترك علاقاته تتدهور وتختفي؛ لأن أولئك الناس سيكونون موجودين دائماً، فلماذا يشغل المرء باله بهم؟! سيصير المرء قادراً على تبرير كل تساهل، وكل انحراف، فيقول: "حسناً، لن يقتلني هذا الأمر"، ثم يواصل فعله.
إنّ الموت ضرورة من الناحية النفسية؛ لأنه يخلق رهانات في الحياة. هناك شيء يمكن أن تخسره. وأنت لا تعرف قيمة شيء من الأشياء حتى تعيش احتمال فقدانه. أما إذا كنت خالداً، فأنت لا تعرف ما أنت مستعد للصراع من أجله، وما أنت مستعد للتخلّي عنه أو للتضحية به!
*****
(مارك مانسون) من كتابه (خراب.. كتاب عن الأمل)، بتصرف.
نعيم الفارسي
30.06.2019
#ماذا_لو_تم_إلغاء_الموت؟
#مارك_مانسون
#كتاب_خراب
#نعيم_الفارسي

الجمعة، 28 يونيو 2019

خمسة أمور يحب أن تتصالح معها! خالد المنيف

بعد تأمل في الحياة، وجدت أن الإنسان إن أراد أن ينعم بالعيش الهانىء والحياة الكريمة وراحة البال، لا بد أن يتصالح مع خمسة أمور، وبدون التصالح معها ستستحيل حياته تعاسةً وشقاء:
أولاً: تصالح مع الماضي. ومن منا من أُعفي من خسارة مادية؟ ومن منا من لم يتعثّر في طريق؟ ومن منا لم يرتكب حماقات؟ ومن منا لم يُخذل من صديق؟ ومن منا لم يفقد حبيباً؟ في علم النفس هناك ما يُسمّى بـ (التقبّل الاجتماعي)، ويعني أن تتقبّل كل ما حدث على أنه أمرٌ قُدّر عليك، ولا خيار لك في تعديل تفاصيله. فكم من شخص يتقلب حسرة قد أسهرته الذكريات المؤلمة؟! تعامل مع كل ما مضى بنظام، أمرٌ كُتب عليّ وانتهى أمره، فلم يعد ملكاً لي، الذي أملكه هو اليوم وسأركز عليه.
ثانياً: تصالح مع وضعك الحالي. تصالح مع جنسيتك، مع قبيلتك، مع وضعك الاجتماعي، تصالح مع طولك، مع وزنك، مع لون بشرتك. احذر أن تكره شيئاً فيك، فهذا يعني أنه بداية لكره الذات، وخذها قاعدة: ما يمكنك تحسينه، اجتهد على تحسينه، وما لا يمكنك، فاقبل به وأحبّه.
ثالثاً: تصالح مع عيوبك. نحن بشر ناقصون، فجزماً لنا جميعاً عيوب، ونقاط ضعف؛ لذا قرّ عيناً، واقبله مع العمل على ما يمكن تعديله، لكن! ثق أنك لن تصل إلى درجة الكمال، لا تُعذّب نفسك بالمقارنة مع غيرك، حدّث نفسك دائماً على أنك شخص جيّد بما يكفي لأن تنجح وتسعد.
رابعاً: تصالح مع العداوات والأعداء. فلا تخض أي معركة مع أي شخص، وتذكر أن من أقوى مظاهر التصالح مع الخصوم هو تجاهلهم وعدم الانصياع لاستدراجهم، لخوض المعارك. وتذكر بأن الحياة قصيرة، فلا تجعل من كل موقف معركة حياة أو موت، لأنك لو فعلت، فستموت كثيراً ولو انتصرت!
خامساً: تصالح مع مشاكلك. بأن تكون رابط الجأش، ساكن الروح، لا جزع ولا تهور، فحدوث المشكلات ليست نهاية الحياة. تصالح معها بأن تكون متأنياً، لا عجلة ولا اندفاع، بل تأمل وأحسن اختيار الحلول. تصالح مع مشاكلك بعدم الهروب منها، بل بمواجهتها وتلمس الحلول.
******
د. خالد المنيف من كتابه (كبّر دماغك)، بتصرف.
نعيم الفارسي
29.06.2019
#خمسة_أمور_يجب_أن_تتصالح_معها
#خالد_المنيف
#كبر_دماغك
#نعيم_الفارسي
#كتب_قراءة

الحصول على Outlook لـ iOS

السبت، 22 يونيو 2019

هذا هو الطريق.. سيّد قطب

هَذَا هُوَ الطَرِيْق..
*****
قال تعالى: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوج، وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ، وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ، قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ، النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ). إلى آخر السورة.
إن قصة أصحاب الأخدود -كما وردت في سورة البروج- حقيقة بأن يتأملها المؤمنون الداعون إلى الله في كل أرض وفي كل جيل. فالقرآن بإيرادها في هذا الأسلوب مع مقدمتها والتعقيبات عليها، والتقريرات والتوجيهات المصاحبة لها، كان يخط بها خطوطاً عميقة في تصور طبيعة الدعوة إلى الله، ودور البشر فيها، واحتمالاتها المتوقعة في مجالها، وكان يرسم للمؤمنين معالم الطريق، ويعدُّ نفوسهم لتلقي أي من هذه الاحتمالات التي يجري بها القدر المرسوم، وفق الحكمة المكنونة في غيب الله المستور.
إنها قصة فئة آمنت بربها، واستعلنت حقيقة إيمانها. ثم تعرضت للفتنة من أعداء جبارين بطاشين مستهترين بحق الإنسان في حرية الاعتقاد بالحق والإيمان بالله العزيز الحميد، وبكرامة الإنسان عند الله عن أن يكون لعبة يتسلى بها الطغاة بآلام تعذيبها، ويتلهون بمنظرها في أثناء التعذيب بالحريق!
وقد ارتفع الإيمان بهذه القلوب على الفتنة، وانتصرت فيها العقيدة على الحياة، فلم ترضخ لتهديد الجبارين الطغاة، ولم تفتن عن دينها، وهي تحرق بالنار حتى تموت. لقد تحررت هذه القلوب من عبوديتها للحياة، فلم يستذلها حب البقاء وهي تعاين الموت بهذه الطريقة البشعة، وانطلقت من قيود الأرض وجواذبها جميعاً، وارتفعت على ذواتها بانتصار العقيدة على الحياة فيها.
وفي مقابل هذه القلوب المؤمنة الخيِّرة الرفيقة الكريمة كانت هناك جبلات جاحدة شريرة مجرمة لئيمة. وجلس أصحاب هذه الجبلات على النار، يشهدون كيف يتعذب المؤمنون ويتألمون. جلسوا يتلهون بمنظر الحياة تأكلها النار، والأناسي الكرام يتحولون وقوداً وتراباً. وكلما ألقي فتى أو فتاة، صبية أو عجوز، طفل أو شيخ، من المؤمنين الخيرين الكرام في النار، ارتفعت النشوة الخسيسة في نفوس الطغاة، وعربد السعار المجنون بالدماء والأشلاء!
هذا هو الحادث البشع الذي انتكست فيه جبلات الطغاة وارتكست في هذه الحمأة، فراحت تلتذ مشهد التعذيب المروع العنيف، بهذه الخساسة التي لم يرتكس فيها وحش قط، فالوحش يفترس ليقتات، لا ليلتذ آلام الفريسة في لؤم وخسة! وهو ذاته الحادث الذي ارتفعت فيه أرواح المؤمنين وتحررت وانطلقت إلى ذلك الأوج السامي الرفيع، الذي تشرف به البشرية في جميع الأجيال والعصور.
في حساب الأرض يبدو أن الطغيان قد انتصر على الإيمان. وإن هذا الإيمان الذي بلغ الذروة العالية، في نفوس الفئة الخيرة الكريمة الثابتة المستعلية، لم يكن له وزن ولا حساب في المعركة التي دارت بين الإيمان والطغيان! ولا تذكر الروايات التي وردت في هذا الحادث، كما لا تذكر النصوص القرآنية، أن الله قد أخذ أولئك الطغاة في الأرض بجريمتهم البشعة، كما أخذ قوم نوح وقوم هود وقوم صالح وقوم شعيب وقوم لوط. أو كما أخذ فرعون وجنوده أخذ عزيز مقتدر. ففي حساب الأرض تبدو هذه الخاتمة اسيفة أليمة!
أفهكذا ينتهي الأمر، وتذهب الفئة المؤمنة التي ارتفعت إلى ذروة الإيمان؟ تذهب مع آلامها الفاجعة في الأخدود؟ بينما تذهب الفئة الباغية، التي ارتكست إلى هذه الحمأة، ناجية؟ حساب الأرض يحيك في الصدر شيء أمام هذه الخاتمة الأسيفة! ولكن القرآن يعلِّم المؤمنين شيئاً آخر، ويكشف لهم عن حقيقة أخرى، ويبصرهم بطبيعة القيم التي يزنون بها، وبمجال المعركة التي يخوضونها.
إن الحياة وسائر ما يلابسها من لذائذ وآلام، ومن متاع وحرمان. ليست هي القيمة الكبرى في الميزان. وليست هي السلعة التي تقرر حساب الربح والخسارة. والنصر ليس مقصوراً على الغلبة الظاهرة. فهذه صورة واحدة من صور النصر الكثيرة. إن القيمة الكبرى في ميزان الله هي قيمة العقيدة، وإن السلعة الرائجة في سوق الله هي سلعة الإيمان. وإن النصر في أرفع صوره هو انتصار الروح على المادة، وانتصار العقيدة على الألم، وانتصار الإيمان على الفتنة. وفي هذا الحادث انتصرت أرواح المؤمنين على الخوف والألم، وانتصرت على جواذب الأرض والحياة، وانتصرت على الفتنة انتصاراً يشرف الجنس البشري كله في جميع الأعصار. وهذا هو الانتصار.
إن الناس جميعاً يموتون، وتختلف الأسباب. ولكن الناس جميعاً لا ينتصرون هذا الانتصار، ولا يرتفعون هذا الارتفاع، ولا يتحررون هذا التحرر، ولا ينطلقون هذا الانطلاق إلى هذه الآفاق. إنما هو اختيار الله وتكريمه لفئة كريمة من عباده لتشارك الناس في الموت، وتنفرد دون الناس في المجد، المجد في الملأ الأعلى، وفي دنيا الناس أيضاً. إذا نحن وضعنا في الحساب نظرة الأجيال بعد الأجيال! لقد كان في استطاعة المؤمنين أن ينجوا بحياتهم في مقابل الهزيمة لإيمانهم. ولكن كم كانوا يخسرون هم أنفسهم؟ وكم كانت البشرية كلها تخسر؟ كم كانوا يخسرون وهم يقتلون هذا المعنى الكبير، معنى زهادة الحياة بلا عقيدة، وبشاعتها بلا حرية، وانحطاطها حين يسيطر الطغاة على الأرواح بعد سيطرتهم على الأجساد؟ إنه معنى كريم جداً، ومعنى كبير جداً، هذا الذي ربحوه وهم بعد في الأرض، ربحوه وهم يجدون مس النار، فتحرق أجسادهم الفانية، وينتصر هذا المعنى الكريم الذي تزكيه النار!
ثم إن مجال المعركة ليس هو الأرض وحدها، وليس هو الحياة الدنيا وحدها. وشهود المعركة ليسوا هم الناس في جيل من الأجيال. إن الملأ الأعلى يشارك في أحداث الأرض ويشهدها ويشهد عليها، ويزنها بميزان غير ميزان الأرض في جيل من أجيالها، وغير ميزان الأرض في أجيالها جميعاً. والملأ الأعلى يضم من الأرواح الكريمة أضعاف أضعاف ما تضم الأرض من الناس. وما من شك أن ثناء الملأ الأعلى وتكريمه أكبر وأرجح في أي ميزان من رأي أهل الأرض وتقديرهم على الإطلاق!
وبعد ذلك كله هناك الآخرة. وهي المجال الأصيل الذي يلحق به مجال الأرض، ولا ينفصل عنه، لا في الحقيقة الواقعة، ولا في حس المؤمن بهذه الحقيقة. فالمعركة إذن لم تنته، وخاتمتها الحقيقية لم تجيء بعد، والحكم عليها بالجزء الذي عرض منها على الأرض حكم غير صحيح، لأنه حكم على الشطر الصغير منها والشطر الزهيد.
*****
سيّد قطب -رحمه الله- من كتابه (معالم في الطريق).
نعيم الفارسي
23.06.2019
#أصحاب_الأخدود
#هذا_هو_الطريق
#سيّد_قطب
#معالم_في_الطريق
#نعيم_الفارسي

الحصول على Outlook لـ iOS

الثلاثاء، 18 يونيو 2019

فلاح فلوريدا.. (قد يكمن الخير في الشر).. علي الطنطاوي

قرأت في كتاب ديل كارنيجي (دع القلق وابدأ من جديد) قصة فلاح من (فلوريدا) اشترى أرضاً، وضع فيها ماله كله وأمله، فلما صارت له وذهب ليراها، رآها قفرة مهجورة، لا تصلح للزراعة، ولا تنفع للرعي، وليس فيها إلا أعشاب تعيش عليها مئات من الحيات والثعابين، لا سبيل إلى مكافحتها واستئصالها، وكاد يصاب بالجنون، لولا أن خطرت له فكرة عجيبة: هي أن يربي هذه الحيات، ويستفيد منها. وفعل ذلك، فنجح نجاحاً منقطع النظير، كان يخرج سموم هذه الحيات، فيبعث بها إلى معامل الأدوية، فتستخلص منها الترياق الذي يشفي من هذه السموم، ويبيع جلودها لتجار الأحذية بأغلى الأثمان، ويحفظ لحومها في علب يبعث بها إلى من يحب أكل لحوم الحيّات، وكان يقصده السياح من كل مكان، ينظرون إلى أول مزرعة في الدنيا أنشئت لتربية الحياة والثعابين.
قرأت هذه القصة الواقعة، فأحسست كأني كنت أسير في طريق مظلم، لا أعرف موطئ قدمي فيه، فسطع أمامي نور وهّاج، لقد علمتني هذه القصة ألا أفزع بعد اليوم من فشل أو أجزع من خيبة، بل أن أحاول استثمار الفشل، والاستفادة من الخيبة، وليس في الدنيا خير مطلق، وليس فيها شر مطلق.
ولكن في كل خير شر قليل، وفي كل شر خير قليل، والخمر والميسر فيهما إثم كبير ومنافع للناس، ولكن إثمهما أكبر من نفعهما، والموت الذي نفرّ منه، قد يكون في حالات مُنيَة نتمناها!
فلماذا أبكي أو أيأس إن أصابني شر، ما دمت أستطيع أن أستخلص الخير القليل الذي يكمن فيه، لماذا أترك الحيات تلدغني بسمها، ما دمت أقدر أن أربيها وأستفيد من سمها. هذا هو الدرس الذي تعلمته من قصة (فلاح فلوريدا).
*****
الأديب الشيخ المؤرخ الموسوعي (علي الطنطاوي)، بتصرف من كتابه (مقالات في كلمات-الجزء الأول).
نعيم الفارسي
18.06.2019
#قد_يكمن_الخير_في_الشر
#فلاح_فلوريدا
#علي_الطنطاوي
#مقالات_في_كلمات
#نعيم_الفارسي