ذكر الكاتب الإنجليزي (كولن ويلسون) (١٩٣١-٢٠١٣م) في سيرته الذاتية (حُلمُ غاية ما)، هذا الموقف؛ فقال (بتصرف):
"بعد أن أصدرت كتابي (اللامنتمي)، وأنا في سن الرابعة والعشرين، وحقق الكتاب نجاحاً مدوياً، وكتبتْ عنه كبريات الصحف؛ فقد نفذت الطبعة الأولى (٥٠٠٠ نسخة) في أيام معدودات، وتوالت الطبعات حتى بيع من الكتاب ٤٠ ألف نسخة، وصار الكتاب من أكثر الكتب مبيعاً؛ تسبّب هذا الكتاب أيضاً في خلق موجة من العداء لي، فمثلاً نشرت إحدى الصحف في سياق أحد الحوارات معي، عبارةً قلت فيها أن طموحي الأعظم هو أن أكون كلمةً تتردد بين جنبات كل منزل، وقد ردّ أحد الصحفيين المحليين قائلاً: "أنت بالفعل كلمةً تتردد أصداؤها بين منازلنا، سيّد (ويلسون)، وهذه الكلمة هي: مُزَيّف!".
وتملكني فضولٌ في معرفة هل أن هذا الصحفي كان قد قرأ كتابي هذا أم لا، فكاتبته في الأمر متسائلاً لم ظن بي الزيف؟ فرد عليّ الرجل برسالة طويلة شرح فيها خيباته هو مع مهنة الكتابة، وانتهينا أخيراً أن نكون صديقين يتبادلان رسائل ودية للغاية، وقد تعلّمت من وراء هذه التجربة درساً ثميناً، وهو: (ليس ثمة فائدة من وراء الجزع إزاء مظاهر العدوان والتحامل وتزييف الحقائق التي نواجه بها أحياناً، إذ هي في الغالب لا تعني المشكلة تكمن فينا، بل هي تنفيسٌ عن مشاكل دفينة يُعانيها أصحابها ومروّجوها)".
ليس كل تهجّموا عليك، يكون تهجمهم صحيحاً؛ بل ربّما لأنك حققت ما كانوا يطمحون لتحقيقه، فعادوك لذلك، ونفسوا عن ضيفهم بالتهجم عليك.
نعيم الفارسي
10.08.2017
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق