إنّ ما وصف القرآن به عقول الناس يشبه إلى حد بعيد ما أكتشفه العلم الحديث من طبيعة العقل البشري. فالعقل البشري مغلف بغلاف سميك لا تنفذ إليه الأدلة والبراهين إلا من خلال نطاق محدود جداً، وهذا النطاق الذي تنفذ من خلاله الأدلة العقلية مؤلف من تقاليد البيئة التي ينشأ فيها الإنسان في الغالب. وهذا هو ما أسميته باﻹطار الفكري.
ولعلنا لا نخطئ إذا قلنا: إنّ الإنسان كلما ازداد تجوالاً في الآفاق واطلاعاً على مختلف الآراء والمذاهب، انفرج عنه إطاره الفكري الذي نشأ فيه، واستطاع أن يحرر تفكيره من القيود قليلاً أو كثيراً. وكلما كان الإنسان انعزالاً؛ كان أكثر تعصباً وأضيق ذهناً. فالذي لا يفارق بيئته التي نشأ فيها ولا يقرأ غير الكتب التي تدعم معتقداته الموروثة؛ لا تنتظر منه أن يكون محايداً في الحكم على الأمور. إنّ معتقداته تلون تفكيره حتماً، وتبعده عن جادة البحث الصحيح.
المفكر وعالم الاجتماع العراقي د. علي الوردي (١٩١٣-١٩٩٥م).. من كتابه (مهزلة العقل البشري)، بتصرف.
أبو نور
15.08.2017
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق