الاثنين، 25 سبتمبر 2017

الموت اللغز المُحيّر.. السحّار

عشتُ منذ نعومة أظفاري أُفكّر في الموت، وأعتقد أنه الحقيقة الوحيدة في هذا الكون، وأشرد طويلاً مفكراً فيما بعد الموت، وما أكثر الصور الحسية التي أمدتني بها خيالي في ذلك الوقت للحساب ووضع الموازين والصراط والجنة والنار، وما أمتع الحوار الذي كان يدور في وجداني بيني وبين أقاربي الذين تجرعوا كئوس الموت. كنتُ أسألهم عمّا رأوا في الآخرة، وكنت أُجيب عن هذه الأسئلة بألسنتهم بإجابات استمدتها مما اختزن في ضميري من معلومات ساذجة سمعتها من جدتي أو أمي أو بعض أصدقائي من الأطفال. كان الموضوع أكبر من تصورات غلام لا يزال في المدارس الابتدائية؛ ولكنني كنتُ شغوفاً باستطلاع كنه الحياة الثانية، وكنت أُلقي سمعي وكل حواسي إلى مدرس الجغرافيا المتدين، الذي كان يحلو له أن يحدثنا عن الدين وعن الموت وما بعد الموت، وكان حديثهُ أمتع من حديث مدرس الدين وأحب إلى قلبي.
الأديب والروائي المصري (عبد الحميد جودة السحّار) (١٩١٣-١٩٧٤م)، من سيرته (هذه حياتي).
أبو نور
15.08.2017

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق