الاثنين، 25 سبتمبر 2017

تقبّل ما لا يُمكن تغييره.. دايل كارنيجي

كنتُ ألعب يوما -وأنا صبي- مع بعض رفاقي في فناء منزل مهجور، فسقط على يدي حجر هشّم أحد أصابعي، فذهب بي أبي إلى الطبيب؛ فقرر بتره، وما كدتُ أسمع هذا القرار، حتى ازداد صراخي وعويلي، وبذلتُ جهدي لأقنع أبي بتأجيل البتر التي لا بد أن تودي بحياتي. ولكن مع رقة شعور أبي وفرط حبه لي، لم يزد على أن نظر إليّ نظرة صارمة، وقال: "هذا يا بني أمرٌ لا مفر منه. وأحب أن تتعود مثلي أن ترضخ لحكم القَدر، وتحني رأسك للعواصف حتى تهدأ، وإلّا حطّمتك وحطّمت أعصابك".
وأجريت الجراحة، وتحقق ما كنت أخشاه وفقدت إصبعي، ولكني لا أذكر إن هذا أهمني أو أقلقني في أيامي المقبلة.
ومنذ بضع سنوات، لقيت رجلاً قُطعت يده اليسرى من عند المعصم، سألته: "هل يُقلقك فقدها؟". فأجاب: "يندر أن أفكر في ذلك، فقد تعودته".
والواقع أنه ما من إنسان يمكن أن تخلو حياته من المآسي والمتاعب، وليس أمامه في مثل هذه الحاله إلا أن يسلك أحد طريقين: طريق تلقّي مصيبته بالرضا والإيمان والاقتناع بالواقع، وذلك هو الطريق المستقيم السليم. وطريق التمرد والثورة على القَدر، وهو طريق كله عقبات وأشواك ولن تكون نتيجته غير زيادة المتاعب والأحزان.
وطريق الرضا بالقدر والمكتوب؛ هو طريق السلام، والذي دعا لنهجه الحكماء، يقول (وليم جيمس): "إنّ تقبّل المصائب بشجاعة والتسليم للقَدر؛ هو الخطوة الأولى في سبيل النجاة من عواقبها". ويقول (شوبنهاور): "إن ترويض النفس على التسليم لأحكام القَدر، والشجاعة أمام المصائب؛ يُعيننا على السير في رحلتنا في هذا العالم بسلام".
فإذا ما واجهتك الأقدار بما لا يُمكنك تغييره من نكبات وشدائد؛ فتقبل الأمر ولا تتمرد وتنطح الجدار برأسك؛ لأنك ذلك الفعل لن يُخفف من نكبتك؛ بل سيُضعف من قدرتك على مواجهتها، وسيُخطّم روحك.
المؤلف الأمريكي الشهير (دايل كارنيجي) (1888-1955م). من كتابه (كيف تكسب النجاح-التفوق والثروة في حياتك). بتصرف يسير.
أبو نور
13.05.2017

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق